الصفحة الأساسية > البديل الوطني > 8 سنوات سجنا للجلاد التونسي خالد بن سعيد
8 سنوات سجنا للجلاد التونسي خالد بن سعيد
كانون الأول (ديسمبر) 2008

أصدرت المحكمة الجنائية بستراسبورغ يوم الثلاثاء 15 ديسمبر الماضي حكا غيابيا يقضي بسجن المسؤول الأمني التونسي خالد بن سعيد لمدة 8 سنوات، بعد أن ثبت تورطه في إعطاء أوامر لما كان يشغل محافظ شرطة بجندوبة سنة 1996، لتعذيب السيدة زليخة الغربي (تجريد من الثياب، ضرب، إهانات...) لحملها على تقديم اعترافات حول زوجها اللاجئ بفرنسا والمبحوث عنه في إطار قضية سياسية (الانتماء إلى حركة النهضة).

وكان خالد بن سعيد ألحق في بدايات هذه الألفية بالقنصلية التونسية بمدينة ستراسبورغ الفرنسية حيث شغل خطة نائب قنصل بها. وما من شك أن وظيفته الحقيقية كانت التجسس على التونسيين الذين يعيشون بالمنطقة وإيصال معلومات عنهم لوزارة الداخلية بتونس. ولكن من سوء حظه تفطنت الضحية لوجوده فسارعت برفع دعوى ضده إلى القضاء الفرنسي الذي له صلاحية دولية في مثل هذه القضايا بمقتضى الاتفاقية الدولية التي أمضت عليها الدولة التونسية وقبلت بالتالي بحق دول أخرى موقعة على الاتفاقية تتبع رعاياها المورطين في جرائم تعذيب ومحاكمتهم.

ولكن المصالح الأمنية الفرنسية وبتنسيق مع المصالح الأمنية التونسية تمكنت من تهريب "الدبلوماسي" التونسي وإعادته إلى تونس حيث يشتغل الآن رئيس منطقة بنابل. وقد رفضت السلطات التونسية تسليم خالد بن سعيد إلى القضاء الفرنسي بعد أن نفت في البداية وجوده أصلا، وهو ما يفسر صدور الحكم غيابيا.

وبطبيعة الحال فإن لجوء السيدة الغربي وعدد آخر من التونسيات والتونسيين إلى تقديم قضايا ضد جلادين تونسيين لدى القضاء الأجنبي، يعود سببه إلى رفض القضاء التونسي النظر في قضايا التعذيب وحماية الجلادين وعدم إنصاف الضحايا. إن التعذيب في تونس في عهد بن علي هو سياسة دولة وليس مجرد تجاوزات معزولة، لذلك يلجأ الضحايا، عندما لا يجدون حقهم في تونس إلى القضاء في بلدان أخرى أمضت على الاتفاقية. وقد سبق أن قدمت قضية في سويسرا ضد عبد الله القلال، وزير الداخلية سابقا وتمكن من الفرار من أحد المستشفيات دقائق قبل إلقاء القبض عليه لتورطه في إعطاء أوامر لتعذيب الآلاف من المعتقلين السياسيين مما أدى إلى موت العشرات منهم.

وقد حضر محاكمة ستراسبورغ السيدتان راضية النصراوي وسهام بن سدرين، والسيد "فانسان جيسار" الباحث الأكاديمي، بصفتهم شهودا. وقد تحدّث هذا الأخير عن التعذيب في تونس كسياسة يستعملها نظام بن علي لتخويف المواطنين وترهيبهم. كما تحدثت السيدة سهام بن سدرين عن الطابع الممنهج للتعذيب في تونس. أما الأستاذة راضية النصراوي فقد قدمت شهادات ملموسة عن العديد من زوجات الإسلاميين اللاجئين بالخارج اللائي تعرّضن للتعذيب والتنكيل الممنهج.

ولا يمثل حكم ستراسبورغ أول إدانة من هيئة رسمية لنظام بن علي بسبب ممارسته التعذيب. فمنذ سنة 1998 صدرت إدانات عديدة من هيئات رسمية دولية وإقليمية لهذا النظام: لجنة الأمم المتحدة ضد التعذيب، المقرر الخاص للأمم المتحدة ضد التعذيب، اللجنة الدولية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مجلس أوروبا إلخ...

إن الحكم الصادر على الجلاد خالد بن سعيد، هو مكسب للحركة الحقوقية التونسية ومن شأنه أن يشجع الضحايا الذين يعدون بالآلاف على تتبع جلاديهم، وعلى المسؤولين التونسيين المورطين في جرائم التعذيب مهما كان منصبهم. فالمهمّ أن لا يشعر الجلادون أنهم فالتون من العقاب.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني