الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الشّعب لن يقبل الالتفاف على ثورته
"صوت الشعب"، إفتتاحية العدد 24:
الشّعب لن يقبل الالتفاف على ثورته
17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011
صوت الشعب - العدد 24

أثار تصريح حمادي الجبالي، الأمين العام لـ «حركة النهضة» ومرشّحها لرئاسة الحكومة، بسوسة يوم الأحد الفارط، حول «الخلافة الراشدة السادسة» ، وحول «الانتصار الرباني» الذي حققته الحركة في الانتخابات، موجة استنكار عارمة في الأوساط الإعلامية والسياسية. وقد تساءل العديد من المعلقين إن لم تكن «حركة النهضة» ، قد بدأت، بعد أن طويت صفحة انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، في كشف برامجها الحقيقية، الرجعية والمحافظة التي عملت على إخفائها قبل الانتخابات وأثناءها لكسب أصوات الناخبين؟

وممّا دعّم هذا التساؤل هو أن تصريح حمادي الجبالي ليس الأول من نوعه الصادر عن أحد قادة «حركة النهضة» هذه الأيام والذي يحمل تراجعا عما كانوا يرددونه قبل الانتخابات وأثناءها من تمسك بالمبادئ الديمقراطية وحتى بالقيم «الحداثية» فقد تعددت التصريحات التي تهم مسائل عدة ذات طابع سياسي أو اجتماعي. ومن بين هذه التصريحات ما جاء على لسان رئيس الحركة، راشد الغنوشي، في أحد البرامج التلفزية ( قناة حنبعل) من أنه من الوارد مراجعة بعض بنود مجلة الأحوال الشخصية (بند التبني مثلا) بعد أن كان هو ذاته وحركته يؤكدان عدم المساس بهذه المجلة إلا في اتجاه تطوير ما جاء فيها من مكاسب.

وبطبيعة الحال فإنه من الخطأ تركيز الاهتمام على مثل هذه التصريحات فحسب، أي التصريحات المتعلقة بجانب الحريات والحقوق المدنية، إذ لا بد من الاهتمام أيضا بتصريحات قادة «حركة النهضة» في مجالات أخرى سياسية واقتصادية ودبلوماسية. فمن خلال هذه التصريحات يتبين أن «حركة النهضة» ليست عازمة على إجراء التغييرات الضرورية والمستعجلة على الأجهزة الأمنية والقضائية والإدارية تحقيقا لأهداف الثورة بل إن النزعة السائدة لديها هي الحفاظ على تلك الأجهزة كما هي واستخدامها في الحكم. أما على المستوى الاقتصادي فإن همها هو توجيه الرسائل لطمأنة المؤسسات المالية والتجارية والدول الأجنبية على مصالحها في تونس وعلى الاتفاقيات غير العادلة وغير المتكافئة التي أجرتها مع نظام بن علي، علاوة على طمأنة كبار الرأسماليين المحليين على عدم المساس بمصالحهم.

وفي مجال العلاقات الخارجية فإن «حركة النهضة» تسعى، من خلال التصريحات والتحركات، إلى ربط البلاد بعجلة الرجعيات العربية التي لا علاقة لها بالحرية والديمقراطية والتقدم والوطنية ونقصد بالخصوص قطر والسعودية. وإذا كان لكل هذا من معنى فهو أن الحركة تريد أن تكون ترجمان نفس المصالح التي كان يدافع عنها نظام بن علي في الداخل والخارج مع إضفاء مسحة دينية على سياستها وهو ما يتعارض مع ثورة الشعب التونسي والأهداف التي ضحى من أجلها الشهداء.

إن الشعب التونسي لم يثُر من أجل العودة بالبلاد والمجتمع إلى الوراء بل من أجل التخلص من الاستبداد نهائيا وتحقيق حلمه في الحرية والمساواة والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية في ظل جمهورية عصرية. وحتى الذين صوتوا لـ «حركة النهضة» في انتخابات 23 أكتوبر الفارط فإن أكثريتهم تعتقد أن الحركة ستحقق لها تلك الأهداف بناء على الوجه الديمقراطي والشعبي الذي ظهر به قادتها أثناء الحملة الانتخابية. ولا نعتقد أن هؤلاء الناخبين، بل الشعب التونسي عامة، سيقبل الالتفاف على ثورته من «النهضة» أو من غيرها. ومن جهة أخرى فإن الكرة الآن في مرمى حلفاء هذه الحركة وخاصة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي لم نسمع له إلى حد الآن مواقف واضحة وحازمة بشأن تصريحات الجبالي أو الغنوشي أو غيرهما من قادة «حركة النهضة» في وقت ينصب فيه كل الاهتمام على تقاسم «الكراسي» قبل حتى الإعلان عن برنامج حكومي يستند إليه ذلك التحالف.

صوت الشعب



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني