الصفحة الأساسية > كتب ومنشورات > بعد انتهاء إضراب 18 أكتوبر: كيف نحافظ على وحدة العمل من أجل الحريات ونطوّرها > القطيعة مع الدكتاتورية شرط لوحدة النضال الديمقراطي
بعد انتهاء إضراب 18 أكتوبر: كيف نحافظ على وحدة العمل من أجل الحريات ونطوّرها
القطيعة مع الدكتاتورية شرط لوحدة النضال الديمقراطي

فبالنسبة إلى النقطة الأولى فإن المسألة واضحة وهي تطرح كما يلي: هل أن الديمقراطية ستتحقق في تونس بواسطة النظام الحالي أو عن طريق التعاون معه أم مهادنته أو بالقطيعة معه والنضال ضده وعلى أنقاضه. فقد آن الأوان بالنسبة لكل طرف يزعم أنه يريد فعلا التغيير الديمقراطي في تونس أن يجيب عن هذا السؤال مستخلصا الدّرس من تجربة نصف قرن من حكم حزب الدّستور والنظام الدكتاتوري البوليسي الذي أقامه على القهر ودوس إرادة الشعب. ولا تقتضي الإجابة عن هذا السؤال أن يكون المجيب راديكاليا ثوريا، بل تقتضي منه أن يكون ديمقراطيا فحسب يرفض الحكم الفردي المطلق في شكل رئاسة مدى الحياة مقنّعة أو غير مقنّعة كما يرفض المؤسسات النيابيّة القائمة على التزوير المنهجي والتلاعب بالانتخابات ويتمسك بمبدأ السيادة الشعبية التي تعبّر عن نفسها في مناخ من الحرية السياسية التي تمكّن كل مواطن/مواطنة من إبداء رأيه في قضايا وطنه ومجتمعه واختيار من يحكمه ومراقبته ومحاسبته.

ومن البديهي أننا حين نطرح هذا السؤال فليس ذلك من باب التّرف الفكري، بل لأن الجواب عنه يحدد الموقع الحقيقي لكل طرف في النضال الديمقراطي: معه بتماسك أو بغير تماسك أو ضدّه فـ"الديمقراطي" ليس إعلانا أو صفة يطلقها المرء على نفسه بل موقف وممارسة في مجتمع محدد وظرف محدد، وبعبارة أخرى موقف من الدكتاتورية التي تحكمنا وممارسة مؤسسة على ذلك الموقف. ومن النافل أنه رغم كل الخيبات التي مُني بها الواهمون بإمكانية مقرطة النظام القائم فإننا لا نزال نسمع من يدعو إلى التّصالح معه" أو مهادنته أو الانخراط في المؤسسات الصّوريّة التي يقيمها والتي يُعيّنُ أعضاءها في قصر قرطاج وفي مصالح الأمن بوزارة الداخلية أو يدافع عن التحالف معه في أحلك فترات القمع التسعيني إلخ.. وفي كلمة فإنه لا حديث عن حركة ديمقراطية جادة وبديلة دون أن يكون لها موقف واضح من الدكتاتورية القائمة. بل دون أن يكون المستهدف من نضالها هذه الدكتاتورية ذاتها، باعتبار أن الديمقراطية تقتضي دستورا جديدا ونظام حكم جديدا ومؤسسات تمثيلية جديدة. مما يعني أن الديمقراطية ستنشأ من القطيعة مع نظام الحكم الحالي وليس من رحمه. وبالطبع فإن ما يبقى من قضايا تكتيكية أخرى يسهل أمره إذا تمّ الاتّفاق على المسألة الجوهرية سابقة الذّكر ونقصد بالقضايا التكتيكية الأخرى كل ما تمليه موازين القوى الملموسة من سلوك سياسي سواء في علاقة بنظام الحكم أو بجماهير الشعب.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني