الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الندوة الوطنية... لماذا؟
الندوة الوطنية... لماذا؟
تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

السلطة تصم آذانها، فلا تستمع إلا إلى أعوانها وزبانيتها المنادين بالتمديد لبن علي بدعوى "الانجازات الجبارة" التي تحققت في عهده و"الفراغ السياسي" المفزع الذي تعرفه البلاد. ولا تأخذ بعين الاعتبار ما يطرح على الساحة السياسية من وجهات نظر ومن مقترحات، حتى تلك النابعة من أولئك الأكثر اعتدالا وحرصا على عدم إغضابها. فحتى الدعوة إلى حوار وطني تنظمه هي وتشرف عليه للنظر في استحقاقات 2014 لا يرضيها ولا ترى فيه غير محاولة لجعلها تفقد زمام المبادرة وبالتالي وضع مصير العائلات القريبة من القصر وما يسمى بالأثرياء الجدد في طريق غير مأمونة العواقب. والواضح أن هاجس السلطة - الأول والأخير - هو الحفاظ على مصلحة هؤلاء. فلا مصير البلاد يهمها ولا مصلحة الشعب تعنيها لا من قريب ولا من بعيد إلا من ناحية كيفية مزيد نهبه وتجويعه وإذلاله.

وهكذا فالقمع ما انفك يستشرس والبطالة ما انفكت تستفحل، وقد طالت منذ زمن بعيد عشرات الآلاف من أصحاب الشهادات العليا، والقدرة الشرائية للطبقات والفئات الشعبية ما انفكت تنهار. وحتى من أفنى عمره في الكد والعمل المضني بات مهددا في حقه في تقاعد ينعم فيه بحد أدنى من الراحة والسكينة بعد أن تبخرت الأموال التي دفعها طوال حياته ذخرا لأيام شيخوخته وفقدان قدرته على العمل والجهد وأضحت الصناديق الاجتماعية على أبواب الإفلاس.

أما آن الأوان، والحال على ما هو عليه، لما يسمى بالمعارضة الجادة أو المعارضة المستقلة أن تتحد وترفع صوتها عاليا رافضة الرئاسة مدى الحياة ومشروع "التمديد والتوريث" الذي تصر الأقلية الفاسدة الحاكمة على فرضه مهما كانت التكاليف. فالشعب التونسي في حاجة ملحة إلى بديل ديمقراطي حقيقي يلبي مطالبه وطموحاته، في حاجة أكيدة إلى مسك مصيره بيده والقطع مع مواصلة السير في نفس النهج المسدود، وقد بدأت بوادر نهضته تتجلى في عديد التحركات الاجتماعية في قطاعات وجهات عديدة. فلماذا لا تكون المعارضة الحقيقية في مستوى الانتظارات والآمال المعلقة عليها؟

إن حزب العمال الذي يعي شديد الوعي مخاطر الهاوية التي تهدد البلاد يمد يده لكل من بهمه مصيرها ومستقبلها، لكل العزائم الصادقة، لكل من يهتم بالشأن السياسي وبرفض الاستبداد والرئاسة مدى الحياة للتداول في كيفية مواجهة هذه الأوضاع وفتح أفق حقيقي أمام الشعب وقواه المناضلة. وهو في هذا المجال لا يزايد على أحد ولا يريد بالمرة أن يفرض آراءه وتصوراته على الآخرين، إنه فقط يريد حشد الطاقات حول القواسم المشتركة التي تجمعها، حول المطالب المباشرة للشعب والحركة الديمقراطية والتي لا يمكن بدونها التقدم بالبلاد في الطريق السليم من أجل تفعيل النضال ضد الاستغلال والفساد والقمع والمهانة. ولا أقل اليوم من العمل على التصدي للمناشدات ورفض الرئاسة مدى الحياة والنضال من أجل انتخابات ديمقراطية حقيقية يكون الشعب هو الفيصل فيها والحكم. فهل التوحد اليوم من أجل ذلك صعب المنال؟ إننا لا نعتقد ذلك. فلنتحل بالنضج الكافي والمرونة الضرورية وسوف نرى. إننا في هذا الإطار ندعو إلى عقد "ندوة وطنية للمعارضة" في أقرب الآجال لتحديد الخطط المشتركة لمواجهة الاستبداد وإفشال مشروع الأقلية الحاكمة وفتح أفق ديمقراطي حقيقي جدير بالدعم والتضحية.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني