بعد خوض سلسلة من التحركات الاحتجاجية والاتصال بالعديد من الجهات الرسمية قرر البعض من جرحى الثورة الدخول في إضراب جوع يوم الخميس 20 أكتوبر 2011، وأمام استمرار تجاهل السلط الحالية لمطالبهم اختاروا اللجوء إلى التصعيد بالدخول في إضراب جوع وحشي في اليوم الثالث وذلك عن طريق الامتناع عن شرب الماء والسكر.
لقي الإضراب مساندة من العديد من المحامين والحقوقيين الذين نددوا بتقاعس الحكومة الحالية التي لم تلتزم بتعهداتها إزاء جرحى وشهداء الثورة خصوصا وأنه تم طرح هذا الملف في اختتام أشغال الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة من طرف لمياء الفرحاني رئيسة جمعية عائلات شهداء وجرحى الثورة التي انتقدت سلوك السلط الرسمية والأحزاب السياسية في تعاملها مع هذه المسألة، وقد أثارت مداخلة لمياء الفرحاني حفيظة الباجي قايد السبسي الذي افتك الكلمة ليؤكد أنه سيتم عقد مجلس وزاري في الغرض من أجل إصدار مرسوم يتعهد بالعناية بجرحى الثورة والتعويض لعائلات الشهداء.
لم يكن كلام الوزير الأول سوى ذر للرماد في العيون وهوما يثبته تواصل معاناة جرحى الثورة الذين لم يتمتعوا بأبسط الحقوق ومن بينها مجانية العلاج وحتى التعويضات التي تم صرفها للبعض منهم لم تكن كفيلة بتحسين أوضاعهم الصحية المزرية خصوصا وأنهم ينحدرون من أوساط اجتماعية مفقرة غير قادرة على صرف تكاليف العلاج الباهظة، وإن استمرار تجاهل مطالب هذه الشريحة التي ساهمت من موقع متقدم في النضال ضد الدكتاتورية يعتبر تنكرا لمطالب الثورة والتفافا عليها، وهو كذلك يعبر عن رغبة قوى الثورة المضادة وعلى رأسهم حكومة السبسي في طمس ملف الجرحى والشهداء والمرور عليه مرور الكرام حتى تسد الباب أمام الدعوى إلى محاسبة القتلة والمجرمين من جهة والمطالبة بالتعويض المادي والمعنوي من جهة أخرى.
ياسين النابلي