الصفحة الأساسية > البديل العربي > فزاعة الإرهاب في مواجهة ثورة الشعب اليمني
فزاعة الإرهاب في مواجهة ثورة الشعب اليمني
6 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

منذ اندلاع الثورة في اليمن منذ أكثر من تسعة أشهر ضد نظام عبد الله صالح الذي يحكم بلدا من أفقر بلدان العالم منذ أكثر من 30سنة، حاول النظام في محاولة لإجهاض هذه الثورة السلمية أن يدفعها نحو حرب أهلية ستتخذ بالضرورة (بحكم تركيبة المجتمع اليمني) طابعا عشائريا يمكن أن يمنح النظام هامشا للمناورة والتفاوض مع شيوخ القبائل التقليديين الذين تتقاطع مصالح العديد منهم مع مصالح النظام وبالتالي يسهل عليه ترويضهم واستخدامهم لتهميش قوى التغيير الحقيقي السلمي وشق وحدة اليمنيين في المطالبة بالتغيير الديمقراطي السياسي والاجتماعي. كما يحاول النظام الاستفادة من «فزاعة» تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من خلال تسويق نفسه على أنه حامي المنطقة من «الإرهاب» بما يسمح له فرض شروطه على المبادرة الخليجية التي تطرح صيغة للانتقال في مستوى السلطة السياسية ولكسب التأييد الأمريكي.

وقد كشفت عملية مقتل «أنور العولقي» رئيس العمليات الخارجية لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب يوم الجمعة 30 سبتمبر 2011 على أرض اليمن عن مدى التعاون بين نظام «صالح» والمخابرات المركزية الأمريكية التي نفذت هذه العملية. فهذه الأخيرة ما كانت لتتم بهذه الدقة دون تعاون من الاستخبارات اليمنية كما جاءت هذه العملية لتؤكد أن اليمن قد تحوّل بصورة علنية إلى قاعدة متقدمة لما تسمّيه الولايات المتحدة الأمريكية بمحاربة الإرهاب خصوصا وأن موقع هذا البلد حيوي بالنسبة للمصالح الأمريكية إذ يفتح اليمن على البحر الأحمر والمحيط الهندي وبحر العرب ويشرف على أحد أهم الممرات المائية في العالم وهو مضيق باب المندب الاستراتيجي. كما أن اليمن قريب من أهم منابع النفط في العالم ونعني بذلك منطقة الخليج التي تصدر يوميا 18 مليون برميل من النفط وتحتوي على أكثر من 60% من المدخرات النفطية العالمية . كما كشفت هذه العملية أن الحرب على « القاعدة» هي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية أهم من أي تغيير سياسي في اليمن في هذا الظرف وهو ما يفسر السكوت الأمريكي على تشبث علي عبد الله صالح بالحكم وعلى القمع الذي واجه به التحركات السلمية للشباب اليمني في ميادين صنعاء وباقي المحافظات اليمنية والذي خلـّـف مئات الضحايا فلم يتجاوز رد الفعل الأمريكي بعض الدعوات إلى «ضبط النفس» و «التنديد بالإفراط في استخدام القوة» و»الدعوة إلى الحوار» بينما نجد الإدارة الأمريكية تمارس كل أشكال الضغط الديبلوماسي والاقتصادي على نظام بشار الأسد في سوريا وتتدخل ضمن الحلف الأطلسي ضد نظام العقيد القذافي في ليبيا. ولولا الضوء الأخضر الأمريكي ما كان صالح ليعود من المملكة السعودية بعد أشهر من العلاج من الإصابات التي لحقته جراء محاولة الاغتيال التي تعرض لها. تلك المحاولة التي أوكل التحقيق فيها لأجهزة أمنية واستخباراتية أمريكية مما يؤكد أن أمن النظام في اليمن ورئيسه بات شأنا أمريكيا.

إن كل هذه الوقائع تبين مدى الصعوبات الموضوعية التي تواجه ثورة الشعب اليمني الذي على قياداته أن تتنبه إلى مخاطر الانزلاق نحو الحرب الأهلية التي يخطط لها النظام ليشرع ضرب الثورة كما عليها أن تكون يقظة إزاء المجموعات الإرهابية التي تستخدمها الولايات المتحدة ذريعة للتحكم المباشر في منطقة بهذه الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية مثلما حصل في أفغانستان عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 الغامضة.

محمود نعمان



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني