تتواصل الأوضاع العصيبة التي يمر بها الاتحاد العام لطلبة تونس والتي أخذت منذ أن قامت السلطة بمنعه في أفريل 2009 من عقد مؤتمره الموحد بقوة البوليس، منعرجا حادا سمته الأساسية حملة القمع المستمرة التي يشنها النظام ضد الاتحاد عبر محاكمة المناضلين وسجنهم وإحالتهم على مجالس التأديب وحرمانهم من حقهم في الدراسة وفي النشاط النقابي وصولا إلى شن حملات العنف المنظم من قبل طلبة الحزب الحاكم وميليشياته.
ومن الواضح أن هذا التعاطي الذي يسلكه النظام ضد الاتحاد يهدف إلى شله بل حتى تصفيته وبالتالي حرمان جماهير الطلاب من أداتها المركزية في الدفاع عن مصالحها المادية والتي تمثل السبب الحقيقي لما آلت إليه الأوضاع الجامعية من ترد شامل سواء بالنسبة للبرامج التعليمية أو الأوضاع المادية والاجتماعية لطلبة الجامعة العمومية وخريجيها. إن السلطة تسعى بكل الوسائل إلى تأبيد أزمة الاتحاد ومنعه من استكمال مساره التوحيدي بإنجاز المؤتمر الموحد وإعادة بناء جهازه الهيكلي والنضالي حتى تفسح المجال أمام برامجها المسقطة اللاديمقراطية واللاشعبية وأمام أذنابها من طلبة حزب الدستور لممارسة دورهم المعروف في تخريب وعي الجماهير الطلابية ونضالاتها.
إن هذه الأوضاع تفرض على التيارات السياسية والنقابية داخل الجامعة مزيد تحمل مسؤولياتها تجاه الحركة الطلابية والاتحاد العام لطلبة تونس ورص الصفوف ونبذ الخلافات الثانوية وإعلاء مصلحة الحركة والاتحاد فوق كل اعتبار فئوي أو شخصي. فالتصدي لهذه الهجمة والتقدم في اتجاه إنجاز المؤتمر وإعادة توحيد المنظمة الطلابية يتطلب من الجميع دون استثناء الحرص على توحيد رؤاها وممارساتها في كنف الشفافية والوضوح دون إقصاء ولا هيمنة وذلك على قاعدة استقلالية المنظمة الطلابية ونضاليتها وديمقراطية تسييرها والتحامها بقضايا الجماهير الطلابية ودفاعها عن مصالحها. وعليه فإن أي مبادرات أو سلوك لا يأخذ بعين الاعتبار هذه المبادئ الأساسية لا يمكن أن يكون إلا عاملا آخر من عوامل تأبيد الأزمة ولا يخدم موضوعيا إلا مصلحة السلطة وحملتها الهادفة إلى تهميش الاتحاد وتصفية واستئصال النضال الطلابي من الجامعة والبلاد.
إن الاتحاد العام لطلبة تونس ملك الجماهير الطلابية وهو أداتها الرئيسية للدفاع عن مصالحها وهو يتسع لجميع المقاربات والتيارات شريطة التآم أواصر التعامل الديمقراطي فيما بينها والالتزام بإرادة القواعد والدفاع بكل حزم عن استقلالية المنظمة الطلابية وتوجهها الديمقراطي التقدمي المناضل وهياكل المنظمة، متى كانت منسجمة مع قواعدها وجماهيرها ومبادئها الأساسية، قادرة على احتواء هذا التنوع باعتماد الأساليب الديمقراطية في التشاور واتخاذ القرار ونبذ الأساليب الفوقية والانعزالية عن إرادة المناضلين والجماهير.
إن حملة القمع التي تشنها السلطة ضد الاتحاد ومناضليه أدت إلى خلق حالة كبيرة من التشتت والإفراغ والتعطل وجب معها على كل مناضل وطرف صادق ومسؤول أن ينتبه لما يمثله تواصل هذه الأوضاع من تهديد لا فقط على مسار توحيد المنظمة الطلابية ومعالجة أزمتها بل أيضا على وجودها المادي الملموس. فالسلطة هي المستفيد الوحيد من تواصل هذه الحالة ومن إمكانية "تلاشي" الاتحاد بل يمكن القول أنها تراهن على ذلك وتعمل من أجله بمختلف الوسائل، وعليه فإن التدخل العاجل من اجل تسوية أوضاع هياكل الاتحاد بمختلف مستوياتها أصبح ضرورة ملحة لا فقط لتجاوز حالة التعطل التي تشكو منها العديد من الهياكل وتفعيل دورها في تأطير الطلاب والدفاع عن مصالحهم بل كذلك للحفاظ على وجود المنظمة ودعم حضورها في أفق إنجاز المؤتمر الموحد واستكمال إعادة بنائها وهي مهمة تتطلب من الجميع، مناضلين ومسؤولين وهياكل وأطراف التحلي بأقصى درجات المسؤولية والنضج وإعلاء مصلحة الاتحاد وبالتالي التوافق على خطة عاجلة لتسوية أوضاع الهياكل وتفعيلها.
إن مواصلة النضال من أجل تجاوز أزمة الاتحاد وإعادة الاعتبار لدوره المناضل مسؤولية الجميع، وانتخابات المجالس العلمية المقبلة فرصة هامة لتكريس ذلك على الميدان والتوجه للجماهير الطلابية حتى تلتف حول منظمتها. لذلك فالاتحاد مدعو لأن يخوض هذه الانتخابات بقوائم موحدة ومناضلة ضد قوائم أذناب السلطة من طلبة الحزب الحاكم بروح عالية في مستوى انتظارات جماهير الطلاب وتضحيات مناضلي الاتحاد المساجين والمطرودين.