الصفحة الأساسية > البديل الوطني > هل وُضعت نقابة الصحافيين فعلا على سكّة السلامة؟
بالمـرصـاد:
هل وُضعت نقابة الصحافيين فعلا على سكّة السلامة؟
17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011
الفاهم بوكدّوس

إنّ كلّ من واكب المؤتمر الأخير للنقابة الوطنيّة للصحافيين التونسيين كان شبه متيقّن أنّ قيادتها الجديدة لن تجد طريقها مفروشا بالورود. ولم تمرّ إلّا أسابيع حتّى بدأت المشاكل تتصاعد داخلها، والنقود تنهال عليها من كلّ جهة وصلت حدّ التشكيك والتّخوين. ويبدو أنّه وفق تحاليل واعية أو عفويّة انتظر الكثير سقوط مركب النقابة وانفراط عقد مكتبها التنفيذي فاختار البعض ركوب الربوة وآثر آخرون صبّ الزيت على النّار وإثارة الأحقاد وتوسيع هوّة الخلافات، في حين كان أخطرهم يُنظّر للتعدديّة النقابيّة بمنطق تآمري لا غير.

لقد تألّم الكثير من الصحافيين ونشطاء المجتمع المدني للوضع الذي تردّت فيه النقابة. ولئن راوح بعضهم مكانه معوّلا على الأيام عساها تُداوي ما حصل فإنّ البعض الآخر اختار موقع الهجوم على الأطراف التي اعتبرها مذنبة بل اخترع أحيانا أعداء وهميين للنقابة وأوسعهم شتما وتقريعا. ولكن منذ شهرين تقريبا التقت إرادات بعض الصحافيين للمساهمة في إيجاد بعض المعالجات للأزمة من منطق الغيرة على الهيكل الصحفي وإيمانا بتفعيل الطاقات لمواجهة التحديات الجسيمة التي تواجه القطاع، فبُعثت مبادرة مستقلة لدعم الانسجام وتفعيل نشاط النقابة أثّثها جزئيّا أو كليّا كلّ من آمال البجاوي واعتدال المجبري وإبراهيم خصومة وياسين بن سعد ووليد أحمد الفرشيشي والفاهم بوكدّوس.

وبعيدا عن أعين الإعلام حصلت لهؤلاء لقاءات متكررة ومُطوّلة مع الفرقاء النقابيين ومع بعض المهتمين بالشأن الإعلامي لتحديد الإشكالات الحقيقيّة بعيدا عن الاصطفاف أو التقييمات، أستمع فيها لشروحات مختلفة حول مطبّات الوضع النقابي وحدود المساهمات الداخليّة والخارجيّة فيها وطبيعة ردود الفعل الذاتيّة والقراءات المنقوصة المؤثرة في عملية صنع القرار داخل النقابة.

لا أنكر أنّ فينا من كان متشائما من إمكانيّة التقدّم خطوات هامّة في هذه المبادرة سواء مُعوّلا في ذلك على إمكانيّة تشدّد بعض أعضاء القيادة في التعامل مع المقترحات المفترض تقديمها أو مُضخّما من دور بقايا النظام في الإبقاء على الوضع الحالي، لكنّ النقاش داخل أعضاء المبادرة كان يدفع باتجاه ضرورة التفاؤل بهذه الخطوة وتوفير كلّ سبل نجاحها بما فيها صياغة المقترحات بليونة لا تخطف سلطة القرار من النقابة ولا تُقلّل من قيمة آراء المنسحبين أو المخالفين.

إنّ أوّل البشائر جاءت من أريحيّة كلّ المتكلّمين وتواضعهم حيث عبّروا عن وجهات نظرهم بكلّ سلاسة ووضوح، وأسهبوا في شرح واقع النقابة بعيدا عن المزايدة أو الغوغائيّة في اتجاه جادّ لإزالة الحواجز العالقة وفي تهوين واضح من شراسة المجادلات التي وردت على صفحات الشبكات الاجتماعية طيلة أشهر، ممّا جعلنا ندخل الّلقاء الختامي مع المختلفين يوم السبت الماضي بمقرّ النقابة بيقين شبه تامّ أنّنا على أبواب مرحلة جديدة تُطوى فيها المشاكل الدّاخليّة من أجل التفرّغ للمهمّات الفعليّة والعاجلة للقطاع.

ولكن بالتأكيد أن القيادة الصحفيّة ستكون هذه المرّة واعية أكثر من قبل أنّها أمام ملفّات كثيرة ستثير حتّى داخلها جملة من التقييمات المختلفة على غرار ملف القائمة السوداء، واتحاد الصحافيين، وتفعيل هياكلها وفروعها، وعلاقاتها بالمنظمات المحلية والدوليّة، وإدارة المفاوضات حول الأوضاع المهنيّة والاجتماعية للصحافيين، قد تصل حدّ الخلافات العميقة ممّا قد يتوجّب المسارعة بإيجاد الآليات الضرورية والديمقراطيّة لحسم الخلافات الداخليّة الممكنة وتشريك القاعدة الصحفيّة في ذلك.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني