الصفحة الأساسية > صوت الشعب > سلسلة جديدة - العدد 27
الاعتصامات تتكاثر والحلول «يجيبها ربّي»
8 كانون الأول (ديسمبر) 2011
صوت الشعب - العدد 27

تشهد البلاد من جنوبها إلى شمالها اعتصامات كثيرة يخوضها عمال ومعطلون عن العمل وفلاحون وغيرهم من الكادحين والفقراء. والمتأمل في هذه الاعتصامات يلاحظ أن أسبابها اجتماعية بالأساس كالبطالة والتهميش وغلاء المعيشة وتدني الأجور والمداخيل وغياب أو نقص الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية و «الحقرة»... وفي أكثر من مرة، وفي غياب أي تأطير، تتخلل هذه الاعتصامات أعمال عنف أو قطع طريق أو منع الشغل في المؤسسة المعنية أو تكسير وحرق...

وقد أثارت هذه الاعتصامات وما تزال تثير ردود فعل متباينة. فالبعض يعطي المعتصمين الحق ويتباين مع أعمال العنف والتخريب المرتكبة أحيانا والبعض الآخر يحاول «تجريم» المعتصمين وتحميلهم مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية بينما يذهب طرف ثالث إلى اتهام «أياد خفية» بالتحريض على الاعتصام لـ «عرقلة أعمال الحكومة الجديدة حتى قبل تكوينه» وهو يدعو المعتصمين إلى الكف عن تحركاتهم وإعطاء «حركة النهضة» وحلفائها الفرصة لـ «تحقيق برامجهم» قبل الحكم عليهم.

وفي الواقع فإن معظم ردود الفعل هذه غير جدية. إن المشاكل التي تسبب الاعتصمات حقيقية ومن النادر أن تكون مفتعلة وتقف وراءها «أياد خفية» . وقد ظلت هذه المشاكل تتراكم طوال فترة حكم بن علي. وكان الشعب يأمل أن تؤدي ثورته على هذا الطاغية وعصابته إلى حل تلك المشاكل بتوفير الشغل للمعطلين عن العمل وتحسين ظروف حياة الطبقات والفئات الكادحة والشعبية. ولكن شيئا من ذلك لم يحصل. فحكومة السبسي ظلت تراوح مكانها وحافظت على نفس الاختيارات الاقتصادية القديمة فزادت في متاعب تلك الطبقات والفئات. أما «حكام البلاد الجدد» الذين جاءت بهم انتخابات التأسيسي فقد ظلوا يرسلون الإشارات السلبية الواحدة تلو الأخرى بعدما أغدقوا الوعود الانتخابية الكثيرة على الناس وهو ما أفقدهم صبرهم ودفعهم إلى مزيد الاحتجاج.

إن المعالجة الحقيقية لأوضاع الشعب تبدأ بتغيير أسلوب التعامل معه والتعاطي مع مشاكله بجدية والأخذ بعين الاعتبار طموحاته ومطالبه التي عبّر عنها خلال الثورة ووضع اختيارات اقتصادية جديدة قادرة على تحقيقها والمبادرة باتخاذ إجراءات عاجلة لفائدة أبناء الشعب المفقرين والمهمّشين الذين يزداد عددهم كل يوم. ذلك هو الطريق السليم لفتح أبواب الأمل أمام الملايين من الناس وتجنيب البلاد الانهيار.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني