الصفحة الأساسية > كتب ومنشورات > الأدنى الدّيمقراطي لتحالفنا اليوم وغدا (في الردّ على بيان مواعدة/ الغنّوشي)
الأدنى الدّيمقراطي لتحالفنا اليوم وغدا (في الردّ على بيان مواعدة/ الغنّوشي)
مقدمة

أثار البيان المشترك الذي أصدره السّيد محمد مواعدة رئيس "حركة الدّيمقراطيّين الإشتراكيّين" و الشّيخ راشد الغنّوشي رئيس "حركة النّهضة" بمناسبة الذّكرى الخامسة والأربعين لـ"استقلال" تونس والذي ناديا فيه بتكوين "جبهة وطنيّة ديمقراطيّة" جدلا واسعا في أوساط المعارضة والمثقّفين التّونسيّين بالدّاخل والخارج. وقد انقسمت الآراء حول هذه المبادرة إلى قسمين. فالبعض أيّدها بدافع "الرّغبة في تجاوز تشتّت المعارضة" حتى تواجه الدّكتاتوريّة النّوفمبريّة بـ"نجاعة" و"توحّد حولها الشّعب". ويعتبر أصحاب هذا الرّأي أنّ "التّطوّر" الحاصل في مواقف "حركة النّهضة" من قضايا الحرّيات وحقوق الإنسان، من العوامل التي تشجّع على توحيد المعارضة بمختلف فصائلها وتجعل رفض العمل المشترك موقفا "فئويّا" لا مبرّر له.

أمّا البعض الآخر فقد رفضها أو احترز عليها. وتختلف أسباب هذا الرّفض أو الإحتراز من طرف إلى آخر. فالبعض يرفضها لسبب عقائدي في الأساس إذ يعتبر أنّه "يستحيل" قيام عمل مشترك بين "العلمانيّين" و"الإسلاميّين" لاختلاف منطلقاتهم وأهدافهم. والبعض الآخر يرفضها لسبب سياسي في الأساس. فهو يرى أنّ "حركة النّهضة" ذات الفكر أو المرجعيّة "الإخوانيّة" (نسبة إلى "الإخوان المسلمين") معتادة على الخطاب المزدوج. فقد تعلن الشّيء وهي في موقع ضعف وتنقلب عليه حين يتحسّن موقعها. وقد تقول الشّيء وتمارس ضدّه في الواقع. لذلك فلا طائل من العمل مع حركة "لا تحكم سلوكها ضوابط مبدئيّة". ويوجد طرف ثالث في جبهة الرّافضين، متردّد. لا يريد الانضمام إلى جبهة مواعدة -الغنّوشي، بدافع الحسابات أو بدافع الخوف من ردود فعل بن علي لا بدافع الاختلاف المبدئي أو السّياسي. ولا نذيع سرّا إذا قلنا إنّ حزب العمّال وُجّهت إليه الدّعوة من قبل "حركة الدّيمقراطيّين الإشتراكيّين" و"حركة النّهضة" لمناقشة البيان المشترك وتوقيعه في صورة حصول اتّفاق عليه. وقد أبدى الطّرفان استعدادا للتفاعل مع التّعديلات التي يمكن أن يقترحها حزب العمّال. ولكنّ الظّروف الأمنيّة الصّعبة التي يعيش فيها الحزب لم تمكّنه من مناقشة المبادرة والردّ عليها قبل تاريخ 20 مارس. وبما أنّ المسألة لا تزال مطروحة إلى حدّ الآن، إذ هي لا تتعلّق بموقف ظرفي من مسألة ظرفيّة، بل بتكوين جبهة سياسيّة ذات أهداف مرحليّة. فإنّنا نرى أنّه من واجبنا أن نبدي فيها رأينا، خاصّة أنّ الدّعوات إلى توحيد "المعارضة" أو "الحركة الدّيمقراطيّة" تعددت في الآونة الأخيرة. وهي تعبّر، بقطع النّظر عن المنطلقات التي تحرّك أصحاب هذه الدّعوات، عن حاجة ملحّة تقتضيها ضرورة التّقدّم بالنّضال السّياسي والاجتماعي في بلادنا. لذلك فإنّ مناقشة مبادرة مواعدة -الغنّوشي، تمثّل في حدّ ذاتها فرصة للخوض في مسألة وحدة المعارضة التّونسيّة وشروطها. وهي مسألة تؤرّقنا نحن، كما تؤرّق كلّ الذين يهمّهم بشكل جدّي التّخلّص من الدّكتاتوريّة النّوفمبريّة ووضع حدّ للّيل الطّويل الذي ينوء بكلكله وظلمته على صدر تونس وشعبها.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني