الصفحة الأساسية > البديل العربي > من أجل تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني في دستور تونس
في الذكرى 36 ليوم الأرض:
من أجل تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني في دستور تونس
29 آذار (مارس) 2012

علي الجلّولي

يحيي الثوار والأحرار في فلسطين والوطن العربي والعالم في 30 مارس من كل عام ذكرى يوم الأرض، ويوم الأرض هو تخليد للانتفاضة الفلسطينية الكبيرة التي اندلعت يوم 30 مارس 1976، ردّا على ما كانت سلطات الاحتلال الصهيوني ارتكبته قبل يوم، إذ قامت بمصادرة 21 ألف دونم من أراضي عدد من البلدات الفلسطينية في الجليل (خاصة قرى عرابة، سخنين، دير حنا، عرب السّواعد...) من أجل إقامة المزيد من المستوطنات والمستعمرات وبالتالي إفراغ الجليل من سكانها الأصليين وتهويدها بالكامل.

المقاومة لاسترجاع الأرض

لم تصمت الجماهير بل نظمت في اليوم الموالي إضرابا عاما ومظاهرات عارمة شملت كل المدن والقرى والتجمعات في الأراضي المحتلة عام 1948 تعززت بسرعة البرق بمشاركة واسعة في الأراضي المحتلة عام 1967 وبذلك جاز الحديث عن انتفاضة وطنية هي الأكبر والأعمق منذ سنة 1948أكدت بما لا جدال فيه أن الشعب الفلسطيني واحد، وهو متمسك بأرضه وبسيادته عليها كلها دون أي اقتطاع، كما شارك فلسطينيو الشتات والمنافي في هذه الانتفاضة مؤكدين أن العودة حق لا يسقط بالتقادم، وأن تحرير الأرض والعودة هو جوهر الصراع. وتصدت سلطات الاحتلال بالحديد والنار لهذه الهبّة الفلسطينية فسقط يومها 6 شهداء انضافوا إلى قافلة شهداء فلسطين.

الأرض أساس القضية

اليوم وبعد 36 عاما من انتفاضة 1976 ما زالت الأرض جوهر القضية وجوهر الصراع، فالاحتلال يواصل نهب الأراضي ومصادرتها وتهجير سكانها، وإن فرضت المقاومة الباسلة تحرير قطاع غزة، فإن الجهود محمومة في الضفة الغربية وفي فلسطين 1948من أجل تهويدها الشامل وطرد أهلها الشرعيين، فاليوم يستعد الاحتلال لمصادرة 800 ألف دونم في النقب إضافة إلى هدم 45 قرية بالكامل وطرد سكانها في إطار ما يسمى مشروع جولدبرغ-برافر الذي يهدف إلي تهويد النقب بالكامل كخطوة في اتجاه تحويل الأراضي المحتلة عام 1948 صهيونية بالكامل لا وجود فيها لأي فلسطيني، وهو نفس الهدف الذي يعملون على تحقيقه في الضفة الغربية، فإضافة لآلاف المستوطنات يتم الإعداد لتهجير 27 ألف نسمة من مناطق "ج" المتاخمة للجدار العازل، فضلا عن الخطوات العملية لإخلاء القدس من عربها.

تواطؤ عربي ودولي

يتم كل هذا أمام تخاذل وتواطئ عربي رسمي فظيع. ففي الوقت الذي تثور فيه الشعوب المقهورة ضد أنظمة الخيانة والقمع والفساد، تواصل هذه الأنظمة مزيد الارتماء في المشاريع والمخططات الإمبريالية والصهيونية، ولا يتحرج نظام قطر العميل مثلا من دعم الاستيطان بالمال، كما أن بعض التيارات الاخوانية التي أوصلتها انتفاضات الشعوب إلى سدة الحكم تواصل نفس سياسات أسلافها وهو الأمر في مصر حيث حاز الإخوان أغلبية مقاعد البرلمان. وفي الوقت الذي كان بعض السذج ينتظرون شطب اتفاقية كامب ديفيد والانتصار لفلسطين أو حتى لحماس الحاكمة في غزة، فإن الواقع عرّى حقيقة هذه الحركة التي تعهدت لأولياء النعمة الأمريكان بأن لا تغيير في سياسة مصر واتفاقياتها إن هي وصلت إلى الكرسي، ونفس الأمر في المغرب التي يتربّع "العدالة والتنمية" على حكومتها وتونس المحكومة من قبل حركة "النهضة" . كما أن اليمين الفلسطيني الحاكم في الضفة وغزة هو اليوم بصدد إثبات أنه جزء من الرجعية الإقليمية، فحتى حركة "حماس" القادمة من رحم المقاومة هي اليوم بصدد تغيير ثوبها وتحالفاتها من سوريا "الممانعة" إلى قطر المموّلة وعرّابة السياسة الأمريكية/الصهيونية في المنطقة وما في ذلك من تداعيات ستطال مكونات النسيج الفلسطيني والمعطيات الإقليمية خاصة إذا تم إسقاط النظام السوري.

الثوار... على العهد باقون

وفي مقابل تواطئ الأنظمة القديمة والجديدة مازال الثوار والأحرار يملأون الدنيا صخبا وضجيجا على حد قول الثائر الأممي أرنستو تشي قيفارا، ففي الأراضي المحتلة لا زالت المقاومة تناضل وتقاتل من أجل تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني رغم سطوة إدارة عباس في رام الله التي تعمل حارسا للصهاينة ضمن ما يعرف بخطة "دايتون" التي تقضي بمراقبة وشل حركة وتسليم المقاتلين مقابل الحصول على تمويلات ذليلة لإدارة الشأن اليومي للإدارة المحلية، ورغم انخراط إدارة "حماس" في قطاع غزة التي أصبحت بدورها تتصدى للمقاتلين بداعي الهدنة بما في ذلك بمناسبة العدوان الأخير على القطاع الذي طال العزل والمدنيين.

ولا زال الشرفاء والأحرار في الوطن العربي والعالم يحافظون على انخراطهم ودعمهم لفلسطين شعبا وقضيّة، وها هي مسيرة القدس تتأهّب للانطلاق بمناسبة ذكرى هذا العام ليوم الأرض، وهي مسيرة عالمية تجمع أصدقاء فلسطين من كل أصقاع العالم ليقولوا عاليا إن ليل الاحتلال قصير مهما طال وأنه إلى زوال مهما تجبّر، وفي هذا الإطار ننقل ما صرّح به ربحي حلّوم منسق مسيرة القدس العالمية لوسائل الإعلام حول نشاط هذه السنة: "أهداف المسيرة لا تنحصر بفضح ممارسات الاحتلال في القدس بل تهدف إلي التنديد بكافة الممارسات الصهيونية في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة(...) إن المسيرة تهدف إلي إيصال رسالة واضحة إلى الاحتلال الإسرائيلي بأن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة والعالم أجمع".

دستور تونس لا بدّ أن يجرّم التّطبيع

لعلّ الجميع يذكر آلاف الحناجر التي دوت في شوارع تونس الثائرة "الشعب يريد تحرير فلسطين" فلا حرية كاملة لتونس أو لأي قطر عربي دون تحرير فلسطين، كل فلسطين وكنس قطعان المحتلين وعودة شعبها إلى دياره ضمن دولة واحدة ديمقراطية، علمانية عاصمتها القدس العربية التي تميزت طوال تاريخها بتنوّع دياناتها وعيش الجميع فيها بسلام، وشعب تونس وثورتها لا بد أن يكونا حاسمين في هذه القضية، وبمناسبة كتابة الدستور الجديد لا مندوحة من التنصيص على رفض وتجريم كلّ أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني باعتباره كيانا غاصبا محتلا، ومعاديا للإنسانية وللعرب وللتونسيين، ولا نرى من مبرّر لرفض هذه الدعوة من قبل البعض وفي مقدمتهم "حركة النهضة" الحاكمة إلاّ الخضوع للابتزاز الغربي والإقليمي الذي تخضع له هذه الحركة وتريد إخضاع تونس له، إننا نرفض هذا الرفض للتنصيص على تجريم التطبيع ونعتبره طعنة للقضية الفلسطينية التي طالما ادعى الحكام الجدد انتصارهم لها، لكن ها هو الواقع العنيد يسفّة دعاويهم، ففي الوقت الذي هرولوا لاستضافة" مؤتمر أصدقاء سوريا" (اقرأ أصدقاء أمريكا وإسرائيل) واستقبلوا بالأحضان ماكاين أحد مجرمي الإدارة الأمريكية، واعترفوا بمجلس الخيانة الليبي الذي يستعد رئيسه عبد الجليل هذه الأيام لزيارة رام الله حسب تصريح لوزير خارجية عباس، نراهم يصمتون على العدوان على غزة وينخرطون في جوقة التنديد مثل كل الحكام الذين كانوا يعارضونهم، فلا مؤتمر أصدقاء غزة نظّم ولا فعاليات الإسناد انتظمت.

إن القوى الوطنية من أحزاب وجمعيات ونقابات، وعموم الشعب التونسي الثائر مطالب اليوم بممارسة كل أشكال الضغط النضالي الجماهيري على المجلس التأسيسي من أجل تجريم التطبيع واتباع سياسة خارجية مستقلة ومنحازة للقضايا العادلة، ولتكن فعاليات إحياء يوم الأرض لهذا العام تحت هذا الشعار.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني