الصفحة الأساسية > البديل العربي > لا مصلحة للشّعب اليمني في الصّراع الدّائر في اليمن
لا مصلحة للشّعب اليمني في الصّراع الدّائر في اليمن
15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009

اتسعت رقعة الصراع الدائر في اليمن بين "الحوثيين" وبين "حكومة علي عبد الصالح" لتشمل الأراضي السعودية بعد تبادل الاتهامات بشأن ضلوع النظام السعودي في دعم الجيش اليمني، إذ أكد الحوثيون أنهم يتعرّضون لهجومات من داخل الأراضي السعودية في مستوى جبل الدّخان أين تدور أشرس المعارك. وتطورت الأوضاع في الأيام القليلة الماضية وبات واضحا أن السعودية أصبحت طرفا رئيسيا في النزاع بعد حصول اشتباكات بين قواتها المسلحة وبين "الحوثيين" وورود أنباء من الطرفين تؤكد حصول قتلى وجرحى وأسرى من الجانبين.

وفي نظر العديد من المراقبين يبدو هذا الصراع غير واضح سواء في علاقة بأسباب اندلاعه أو من حيث الأهداف المرسومة من ورائه. لكن الثابت أنه صراع لا مصلحة للشعب اليمني فيه ولا للشعوب العربية الأخرى. فهو صراع داخلي بين الحكومة اليمنية التي لم تقدر على استيعاب المشاكل المتراكمة التي يعاني منها المجتمع اليمني وبين جماعة طائفية لا تعبّر بأي حال من الأحوال عن تطلعات الشعب اليمني في الحرية والعدالة الاجتماعية وفي صيانة أراضيه من التدخلات الأجنبية. ولا يخفى على أحد ما لهذه الجماعة، جماعة الحوثي، من ارتباطات خارجية وخاصة بإيران.

إن هذا الصراع هو في الحقيقة تعبير عن عدم قدرة الحكومة اليمنية على حل المشكلات التي يعاني الشعب اليمني وفي مقدمتها مشكلة البطالة والتنمية والحريات الفردية والعامة والتداول السلمي على السلطة وتحكيم الشعب عبر الاستفتاءات والانتخابات الحرة والنزيهة في كل ما يعترض البلاد من مشكلات مستعصية. لكن الحكومة اليمنية، مثلها مثل كل الحكومات العربية، لا تعير وزنا للشعب ولا لإرادته بل تحتكر السلطة عبر الحكم الفردي المطلق المغلف بغلاف الديمقراطية الزائفة والتعددية الشكلية والتلاعب بالإرادة الشعبية عبر تزوير الانتخابات وقمع الرأي المخالف. فجاءت الظاهرة "الحوثية" كتعبير عن هذه التناقضات التي تشق المجتمع اليمني، لكنه تعبير مشوه وفي الاتجاه غير الصحيح. فـ"الحوثيون" الذين يقدمون أنفسهم على أنهم طليعة الأمة والمدافعين عن حقوق الشعب اليمني لا علاقة لهم بما يدعون ولا مصلحة للشعب اليمني في ما يقومون به من حرب.

إن المستفيد الأكبر من هذا الصراع هو القوى الامبريالية ومن ورائها الصهيونية والرجعية العربية. فالقوى الامبريالية العظمى تغذي هذا الصراع وتسعى إلى توسيع رقعته، أوّلا لأنه سينشط سوق السلاح ويدرّ أرباحا طائلة على هذه القوى في ظل تنامي الأزمة الرأسمالية العالمية، وثانيا لاستعماله ورقة ضغط ضد الأنظمة العربية المعنية بهذا الصراع بصفة مباشرة (اليمن، السعودية) أو بصفة غير مباشرة (دول الخليج...) وتضخيم الدور الإيراني وتقديمه في صورة الخطر المباشر على الأنظمة العربية وعلى "العرب والمسلمين" مقابل غض الطرف عن العدو الرئيسي الذي يحتل الأرض وينهب الثروات ويشرد السكان ونعني به العدو الصهيوني الذي يحتل فلسطين وجزءا من لبنان وسوريا، وكذلك الامبريالية الأمريكية التي تحتل العراق وأفغانستان وتدعم الكيان الصهيوني وكل الرّجعيات العربية الطيعة وتسعى إلى توسيع نفوذها في المنطقة شرقا وغربا لمحاصرة النظامين الإيراني والسوري المتهمين بدعم حركات المقاومة في المنطقة.

كما أن النظام الإيراني، المتهم بدعم "الحوثيين"، يسعى من جانبه إلى كسب المزيد من الأوراق التي تمكنه من مواجهة التهديدات الخارجية التي تقودها الامبريالية الأمريكية والتي ما فتئت تتفاقم في ظل تعقـّد الملف النووي وتزايد الاضطرابات الداخلية والمشاكل الاجتماعية الحادّة في هذا البلد.

إن الشعب اليمني لا مصلحة له في هذه الحرب التي تغذيها أطراف خارجية لا تريد الخير لا لليمن ولا لشعوب المنطقة. ويتحمل النظام اليمني مسؤولية هذا الصراع الذي ما كان ليندلع لولا احتكار هذا الأخير للسلطة وحرمان الشعب من أخذ مصيره بيده. لذلك فإن الشعب اليمني مطالب بالعمل على إيقاف هذا الصراع ومحاسبة المتسببين فيه. ولتحقيق هذا الهدف لا بد أن يجد الدعم من أشقائه في الأقطار العربية الأخرى. وإذا لم يقع التصدي لهذا الصراع وإيقافه فإن رقعته ستتوسع وسيحصد المزيد من الأرواح ويهدر طاقات وأموالا وعتادا كان من المفروض أن تتوجه لمحاربة العدو الحقيقي، الامبريالية والصهيونية.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني