الصفحة الأساسية > البديل الوطني > السّيادة الشّعبيّة
ذاكرة «صوت الشعب »:
السّيادة الشّعبيّة
17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011
صوت الشعب - العدد 24

يؤكّد البيان المشترك والبيان الختامي للمؤتمر السّابع لـ»حركة النّهضة» ضرورة استعادة الشّعب التّونسي سيادته عبر تنظيم انتخابات حرّة ديمقراطيّة ونزيهة، وفي هذا الإطار شدّد البيان معارضة الحركة لما يعدّ له الجنرال بن علي من مناورات تهدف إلى بقائه في السّلطة بعد نهاية ولايته الثّالثة والأخيرة، حسب الدّستور، في سنة 2004..(..)

ولا يزال النّاس في بلادنا يتذكّرون خطاب علي بلحاج في الجزائر بعد الدّورة الأولى للانتخابات التّشريعيّة التي فازت فيها «جبهة الإنقاذ» بأغلبيّة المقاعد، وقد قال فيه إنّه آن الأوان بعد أن «انتخب الشّعب» مرشّحي «الجبهة» كي يُقضى على التّعدّدية الحزبيّة والسّياسيّة عامّة، التي اعتبرها «منافية للإسلام» أي أنّه أراد استعمال «السّيادة الشّعبيّة» للقضاء عليها وعلى الدّيمقراطيّة وفرض حكمه الدّكتاتوري أو بالأحرى حكم حزبه. وهو ما وفّر للجنرالات ذرائع للقيام بانقلابهم بدعوى أنّهم «أوصياء على الجمهوريّة والدّستور» .

ذلك هو الإشكال. وعلى هذا الأساس فإنّنا نرى أنّه من الضّروري تفعيل شعار «السّيادة الشّعبيّة» حتى لا يكون شعار حقّ يراد به باطلا، وحتى يكون ترحيل بن علي من الحكم، بمناسبة انتخابات 2004 أو قبلها فاتحة عهد جديد بحقّ يوضع فيه حدّ لاغتصاب الإرادة الشّعبيّة، ويتمكّن فيه الشّعب بالتّالي من ممارسة سيادته التي حرم طول تاريخه من ممارستها. لذلك وجب علينا تحديد القواعد والمبادىء التي تجعل من ممارسة السّيادة الشّعبيّة واقعا ملموسا في ظلّ تعدّديّة سياسيّة وفكريّة وتنظيميّة حقيقيّة. وتتمثّل هذه القواعد والمبادىء، حسب رأينا بالطّبع، فيما يلي :

أوّلا : لا سبيل لممارسة السّيادة الشّعبيّة إلاّ عن طريق انتخابات حرّة وديمقراطيّة ونزيهة وهو ما يقتضي توفّر حرّية التّعبير والتّنظيم وحرّية التّرشّح والانتخاب لكافّة المواطنين إناثا وذكورا، سواء تعلّق الأمر بانتخابات رئاسيّة أو تشريعيّة أو بلديّة أو غيرها.

ثانيا : وعليه فإنّ ضمان العمل بمبدأ السّيادة الشّعبية يقتضي من الأغلبيّة المنتخبة لحكم البلاد أن تحترم الحرّيات الفرديّة والعامّة، باعتبارها حقوقا غير قابلة للتّصرّف، فلا تستصدر قوانين تلغيها بدعوى «أنّ الشّعب اختارها».

ثالثا : إنّ احترام الأقلّية لإرادة الأغلبيّة مرتبط ارتباطا وثيقا بمبدأ احترام حقوق الأقلّية في التّعبير عن آرائها وفي تنظيم صفوفها وفي النّشاط من أجل كسب الشعب إلى جانبها. ذلك أنّ أغلبيّة اليوم قد تصبح أقلّية الغد والعكس بالعكس.

رابعا : إنّ ممارسة السّيادة الشّعبيّة لا تتمثل في اختيار من ينوب أو من يحكم فقط. ولكنّها تتمثّل في ممارسة سلطة التّشريع أيضا سواء عن طريق النّواب أو بصورة مباشرة. وهذه السّلطة لا سلطة عليها غير سلطة الدّستور الدّيمقراطي الذي يقرّه الشّعب أيضا. وبتعبير آخر فلا رقابة على الشّعب أو على نوّابه في ممارسة سلطة التّشريع من قبل أيّة هيئة «روحيّة» تعطي نفسها صلاحيّات لا تفويض لها فيها من أحد.

خامسا : إنّ ممــارسة السّيــادة الشّعبيّة تقتضي تمكين الشّعب من مراقبة حكّــامه ومحــاسبتهم وعزلهم حتى لا يتحوّلوا إلى حكّام إطلاق. كما تقتضي تمكينه من مراقبة نوّابه ومحاسبتهم حتى لا ينقلبوا على ما نُوّبوا من أجله.

هذه القواعد والمبادىء هي الكفيلة بتحويل مبدأ السّيادة الشّعبيّة إلى ممارسة فعليّة وتسدّ الباب أمام كلّ من يحاول استعمالها كمجرّد آليّة للاستبداد لاحقا بالشّعب.

من كراس الأدنى الديمقراطي لتحالفنا اليوم وغدا

أفريل /ماي 2001



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني