الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الشعوب المضطهدة في مواجهة وحشية رأس المال وقمع الحكومات
2011-11-11:
الشعوب المضطهدة في مواجهة وحشية رأس المال وقمع الحكومات
17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011
تحرك 11 نوفمبر -تونس-

يقوم النظام الرأسماالي أساسا على تكديس الثروات في يد أقلية على حساب أغلبية. 20℅ فقط من سكان الكرة الأرضية تسيطر على 80℅ من ثرواتها في حين يعيش البقية على فتات الأغنياء. نظام يقود العالم نحو البؤس والأزمات الاقتصادية المتكررة والتي يتحمل تبعاتها الفقراء.

أزمة العقارات التي انطلقت شرارتها من معقل الرأسمالية، الولايات المتحدة الأمريكية. واحتدت في النصف الثاني من سنة 2007، لتفرز أزمة اجتماعية خيمت بظلالها على بقية شعوب العالم بحكم التبعية والترابط الاقتصادي العالمي، لتزيد تعقيدا في دول الاتحاد الأوروبي بأزمة الديون السيادية واعتماد خطة التقشف التي ساهمت في استفحال ظاهرة البطالة فمن المتوقع أن يبلغ عدد العاطلين عن العمل سنة 2011 حسب تقرير الأمم المتحدة 213 مليون شخص، واستفحال ظاهرة الفقر وبلوغ عدد الجياع المليار نسمة حسب نفس المصدر، مما دفع بالفئات الشعبية المتضرر الأول من هذا النظام إلى رفضه والمناداة بنظام بديل يتجاوز النظام الرأسمالي العاجز عن إيجاد حلول جذرية لتناقضاته من أجل عدالة اجتماعية وحياة كريمة.

صوت الشعب - العدد 24

تحرك ذو طابع أممي

غضب الجماهير تحول إلى احتجاجات شعبية كانت نقطة بدايتها من نيويورك في 17 سبتمبر الماضي تحت شعار «احتلوا وول ستريت» أين يعتصم المحتجون إلى حد الآن رغم القمع من قبل السلطات الأمنية الأمريكية. هذه الحركة العفوية لاقت استحسان الأطراف المعادية للنظام الرأسمالي ليتم تبنيها في شكل تحركات أممية منظمة يتم التنسيق لها عبر المواقع الاجتماعية. كانت بدايتها يوم 15 أكتوبر الماضي وشملت 80 بلدا لتستأنف يوم الجمعة الفارط أو بما سمي 11-11-2011 لتشمل 192 بلدا رافعين شعارات مناهضة للسياسات المالية الجشعة والمجحفة بحق الشعوب والمكرسة للاستغلال والفوارق الاجتماعية كما طالبوا بأحقية الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها.

تونس تنخرط في هذا التحرك

تونس من بين الدول التي شهدت احتجاجات يوم 11-11-2011. عديد الأطراف ساندت وشاركت في هذه التحركات العالمية من بينها:حزب العمل الوطني الديمقراطي، حزب الطليعة، حزب العمال الشيوعي التونسي، حركة الوطنيين الديمقراطيين، اتحاد الشباب الشيوعي التونسي، مستقلين... تجمع كبير كان حاضرا في ساحة حقوق الإنسان على الساعة الحادية عشر صباحا. اتجه المحتجون نحو البنك المركزي أين نددوا بالمديونية وطالبوا بإلغائها، ثم جابت المسيرة شارع الحبيب بورقيبة ثم رجعت إلى نقطة البداية. المحتجون رفعوا شعارات مناهضة للرأسمالية والمديونية وغلاء الأسعار والبطالة كما رفعوا شعارات ضد الهيمنة الامبريالية على بلادنا وضد تدخل دولة قطر في الشؤون الداخلية لتونس وضد حضور أميرها افتتاح جلسات المجلس الوطني الـتأسيسي. وطالبوا بالعدالة الإجتماعية وإلغاء المديونية والتشغيل واقتصاد وطني، السيادة للشعب، رفض التدخل الأجنبي في الشأن الوطني...

حضور كبير للأمن وغياب الإعلام الوطني

حضور الأمن كان مكثفا كالعادة رغم أن التحرك كان محكم التنظيم و سلميا. الأمن كان في بداية الأمر مراقبا فقط إلا أنه عندما رجع المتظاهرون إلى ساحة حقوق الإنسان وانقسموا إلى حلقات نقاش وكان من المنتظر أن يواصلوا تواجدهم إلى غاية الحادية عشر ليلا مثلما نشره المنظمون لهذه التحركات على الصعيد العالمي، قام بالاعتداء على المتظاهرين بالعنف وتفريق المحتجين بالقوة وقد تعرض مناضل حزب العمال الشيوعي التونسي «محمد السوداني» إلى الاعتداء بالعنف الشديد وإصابة في الرأس من قبل قوات الأمن استوجبت نقله إلى المستشفى.

إن هذا الاعتداء في هذا الوقت بالذات على مظاهرة سلمية ذات طابع عالمي له أكثر من رسالة سياسية خاصة أنه جاء في فترة حساسة ستنتقل فيها السلطة من حكومة لا شرعية إلى نواب شرعيين منتخبين من قبل الشعب.

هذا الحدث اتسم بالتعتيم الإعلامي الكبير رغم الحضور الكثيف لوسائل الإعلام الأجنبية المرئية، المسموعة و المكتوبة، ورغم أن هذه التحركات شهدتها تونس العاصمة وسوسة وصفاقس وقفصة إلا أنه لم يتم تغطيتها حتى من قبل القناة البنفسجية (الوطنية) رغم الاعتداءات الأمنية ورغم بعدها العالمي والإنساني وحجمها الجماهيري. كل هذا يحيلنا إلى استقلالية الإعلامỊ وطرق العمل في ظل نظام المخلوع، الذي ما انفكت الأحداث الجارية على الساحة التونسية تثبت أن هذا النظام تغير على مستوى الشكل إلا أنه حافظ على مضمونه وأساليب عمله القديمة.

و السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل أن مساحة الحريات الضيقة التي افتكها الشعب التونسي بدماء شهدائه في خطر؟ وهل هذا هو مشروع الديمقراطية التي ثار الشعب لأجله؟

سميّة المعمري



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني