من المؤسف أن الأحزاب التركية المهيمنة على الحياة السياسية والماسكة بالسلطة لا تريد أن ترى في وجود نوّاب أكراد بالبرلمان فرصة للسّلم. فقد صادق البرلمان التركي بـ507 أصوات مقابل 19 صوتا على لائحة تسمح للحكومة بإرسال الجيش إلى العراق لمدّة سنة؟ وقد عمد رئيس الحكومة طيب رجب أوردوغان قبل التصويت على تلك اللائحة إلى دعوة الشّعب إلى مساندة العملية العسكرية المرتقبة معتبرا أن من يرفضها "يساند الإرهاب".

ومن الواضح أن هذا "الحل العسكري" الرّامي إلى "القضاء على التمرّد" حسب موقف المؤسسة العسكرية لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال حلا للمسألة الكردية، بل على العكس من ذلك فإن عملية عسكرية جديدة في شمال العراق لن تؤدّي إلاّ إلى دفع شعوب المنطقة إلى مواجهة بعضها البعض لذلك فإن القوى السياسية المهيمنة في تركيا إنما تكرّس، بتصويتها على اللائحة المذكورة، سياسة قائمة على الاحتقار والعنف في علاقة بالأكراد وعلى تشديد الضّغط على السكّان الذين يعيشون في تركيا.

وعلى صعيد آخر فإن الفكرة التي تزعم أن عملية عسكرية وراء الحدود التركية ستكون بمثابة الرّد على الولايات المتحدة إثر تصويت الكونغرس على لائحة بشأن "إبادة الأرمن" إنما هي فكرة زائفة لأن ما يقدّم على أنه تحدّ لهذه الامبريالية لا يمثّل في شيء موقفا مناهضا بحق للامبريالية. إن مناهضة الامبريالية مناهضة حقيقية وفعلية تقتضي خروج تركيا من الحلف الأطلسي وإغلاق القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة على أراضيها وإلغاء الاتفاقيات العسكرية المبرمة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. إن الموافقة على عملية عسكرية على الحدود العراقية تعني في الواقع الموافقة على الحرب ومن المؤكّد أن بلدنا وأن الشعبين التركي والكردي لن يجنيا من هذه الحرب إلاّ المزيد من الآلام والمتاعب لذلك لا ينبغي أن يسمح للماسكين بالأمور بالتضحية بالأخوّة التركية الكردية خدمة لأغراضهم السياسية.

إن الوسائل العسكرية بما تعنيه من حرب وعنف ينبغي أن تسحب من أجل إيجاد حل للمسألة الكردية لذلك ينبغي الشروع من الآن في الحوار بهدف التوصّل إلى حل ديمقراطي لهذه المسألة. كما ينبغي أن تتخذ مباشرة إجراءات إيجابية وديمقراطية لدفع مثل ذلك الحوار وتعبيد الطريق نحو الحل المنشود.

تركيا: 17 أكتوبر 2007

*ترجمة عن الانجليزية