الصفحة الأساسية > صوت الشعب > العــدد 255
الذكرى 20 لاستشهاد نبيل البركاتي:
الدكتاتورية تمنع إحياء اليوم الوطني لمناهضة التعذيب
5 حزيران (يونيو) 2007

للسنة الثانية على التوالي تمنع الدكتاتورية النوفمبرية إحياء الذكرى السنوية لاستشهاد نبيل البركاتي مناضل حزب العمال الشيوعي التونسي والنقابي بقطاع التعليم الابتدائي، الذي أوقف في أواخر شهر أفريل 1987 إثر توزيع بيان سياسي للحزب بالجهة وعذب حتى الموت على أيدي أعوان مركز البوليس بمدينة قعفور (120 كلم شمال غربي العاصمة تونس). ولم يتورع هؤلاء لطمس جريمتهم عن إلقاء جثة الشهيد بجانب سكة الحديد في أطراف المدينة وإطلاق رصاصة في رأسه وترك مسدس إلى جانبه والادعاء بأنه فر من المركز وانتحر. وهو ما أثار استياء أهالي البلدة الذين خرجوا إلى الشارع في مظاهرات عارمة وهاجموا خلالها مركز الشرطة وهو ما اضطر السلطات إلى إعلان حظر الجولان لمدة نصف شهر وإيقاف الجناة ومحاكمتهم، لا من أجل القتل، بل من أجل تجاوز السلطة وتسليط أحكام خفيفة بالسجن عليهم.

وأصبحت مقبرة "البراكتة"، أين دفن الشهيد منذ ذلك التاريخ، مزارا سنويا لكافة مناضلات ومناضلي الحرية من مختلف جهات البلاد لإحياء ذكرى اغتيال الشهيد والتعاهد على مواصلة النضال من أجل اجتثاث ظاهرة ممارسة التعذيب من تونس. وقد تحولت هذه الذكرى بداية من عام 1994 إلى يوم وطني لمناهضة التعذيب في تونس يحضره ممثلون عن الأحزاب والجمعيات الحقوقية والمهنية والنسائية والثقافية المستقلة. وكذلك شخصيات ديمقراطية من خارج تونس. وعلى مدى 8 سنة لم يجرؤ نظام بن علي على منع إحياء هذه الذكرى حتى وإن كان يقيم العديد من العراقيل في وجه قاصدي مدينة قعفور (حواجز أمنية، وتثبت في الهويات وتفتيش السيارات وافتعال مخالفات مرورية للسواق، زرع مسامير في الطرقات، غلق المطاعم والمقاهي بالجهة...).

لكن منذ الذكرى التاسعة عشرة عمدت السلطة إلى منع إحيائها وذلك بمراقبة مداخل المدن الرئيسية للبلاد ومنع المناضلات والمناضلين الديمقراطيين بالقوة من مغادرتها والتوجه إلى مدينة قعفور التي ضُرب عليها وعلى المدن والقرى المجاورة لها حصارا أمنيا شديدا لمنع دخولها على أي مواطن يشتبه في أنه جاء من أجل حضور الذكرى. وها أن السلطة تكرر نفس السيناريو هذه السنة فتعيش العاصمة وصفاقس وقفصة وجبنيانة وبنزرت وماطر ومدن الساحل والقيروان والكاف وغيرها من المدن حالة من الحصار. كما تعرف الطرقات المؤدية من كافة المناطق إلى قعفور مراقبة أصبح المواطنون يقارنونها بنقاط التفتيش التي يقيمها الجيش الصهيوني في الأرض الفلسطينية المحتلة. وقد تعرّض عدد من المناضلين إلى السب والإهانة وسياراتهم إلى الضرب (صالح الحمزاوي، المحامي طارق العبيدي...). وقد طال المنع حتى أفراد عائلة الشهيد الذين منعوا من الوصول إلى المقبرة.

إن منع إحياء اليوم الوطني لمناهضة التعذيب في يوم الذكرى العشرين لاستشهاد نبيل البركاتي ليعكس التدهور الخطير لحالة الحريات واستشراء القمع السياسي واشتداد القبضة الأمنية لنظام بن علي على المجتمع وعدم تحمله أبسط مظاهر النقد الاجتماعي والعودة المكثفة إلى ممارسة التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاعتقال والسجون... وهو مؤشر واضح على تفاقم أزمة الدكتاتورية النوفمبرية التي تعمل بكل الوسائل وخاصة البوليسية منها على تكميم الأفواه ومنع كافة القوى السياسية والاجتماعية من التعبير عن مطالبها وطموحاتها والإعداد منذ الآن لإبقاء الرئاسة مدى الحياة في المهزلة الانتخابية التي ستنظم عام 2009.
إن منع القوى الديمقراطية من إحياء اليوم الوطني للتعذيب، مثله مثل منع أنشطة الجمعيات والمنظمات الحقوقية والثقافية المستقلة وأحزاب المعارضة وهيئة 18 أكتوبر وتحركات العاطلين من أصحاب الشهادات العليا وغيرهم، لن يزيد نظام بن علي إلا عزلة والقوى الديمقراطية إلا إصرارا على تكتيل الصفوف ومواصلة النضال من أجل تخليص تونس من الاستبداد.

في هـذا العـدد
أخبار
مقالات



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني