الصفحة الأساسية > صوت الشعب > العــدد 263
الدكتاتورية النوفمبرية تصبّ الزيت على النار
25 أيار (مايو) 2008

طوت احتجاجات الحوض المنجمي بقفصة وتحديدا ببلدتي الرديف وأم العرايس شهرها الرابع ولم تفلح تكتيكات السلطة (تجاهل وتكتم إعلامي، وعود زائفة، بطش، تنكيل...) في احتوائها والإجهاز عليها. على النقيض من ذلك فإن مجمل تلك التكتيكات وعلى الأخص تحريك عصا القمع والتنكيل بالأهالي مثلت حوافز إضافية ليس لاستمرار الانتفاضة فحسب وإنما لتوسيع مجالها في اتجاهين، الأول: دخول فئات واسعة من الأهالي إلى دائرة الفعل والنضال مما أضفى على تلك الحركة بعدا شعبيا. والثاني أخرج ولو في فترات محددة الحركة من مجالها المطلبي إلى فضاء جديد يتصل بالحريات وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية تلك الاحتجاجات.

ومثلما هو معلوم فقد وجّهت هذه الاحتجاجات ضربة موجعة للنظام أصابت مكمن القوة فيه. فهي، بعمقها وتواصلها، كشفت في الداخل والخارج أكذوبة "المنجزات الاجتماعية" و"الاستقرار" و"السلم الأهلي". وأعطت، كما لم يحدث من قبل، صورة حقيقية عن تونس التي يفـْـتـِك الفقر والحرمان والتهميش ببناتها وأبنائها. كما أن هذه الحركة مثـّلت، بصمود أهاليها ونضاليتهم، صفعة مدوية لجهاز الدكتاتورية الجاثم على رقاب الشعب، وأكدت مجريات المواجهات الدامية بالرديف وأم العرايس وقبلها بالمظيلة أن سطوة العصا البوليسية مسألة متصلة بموازين القوى. فبإمكان هذه العصا قمع النخبة السياسية لكنها تجد نفسها عاجزة عن مواجهة التحركات الاجتماعية الشعبية.

وقد اقترن دخول الانتفاضة شهرها الخامس بسقـوط أول شهيد (الفقيد الشاب هشام بن جدو) وهو منعرج خطير يؤكد مرة أخرى تصميم السلطة على المضيّ قدما في سياستها القمعية ضد أهالــي الحوض المنجمي من جهة، وإصرار هؤلاء الأهالي علــى التمسك بمطالبهم المشروعة واستعداهم لتقديم كل التضحيات بما في ذلك الاستشهاد من جهة أخرى.

إن كل المؤشرات تؤكد أن الأمور في الحوض المنجمي تتجه نحو مزيد من التأزم. ومن غير المستبعد سقوط شهداء آخرين واتساع رقعة الاحتجاجات لتشمل مناطق أخرى في قفصة وخارجها بالنظر إلى التدهور المتزايد للأوضاع المعيشية لعامة الشعب وخاصة في المناطق الداخلية. وقد بدأت بالفعل بوادر هذا النهوض من خلال بعض التململ في قرى ريفية بتوزر وفي مدينة القصرين.

إن مجمل هذه التطورات الحاصلة وإمكانات تسارعها في الأيام والأسابيع القادمة تفترض من كل فعاليات الحركة الديمقراطية والتقدمية على اختلاف مشاربها الفكرية والسياسية والتنظيمية،

1 - تنشيط حركة المناصرة لأهالي الرديف وأم العرايس وتنظيم أنشطة احتجاجية تليق بحجم ما يتعرض له المواطنون من تنكيل همجي.

2 – خلق أطر متعددة لتنظيم ذلك الدعم.

3 – الضغط بكل الإمكانات لصدّ هجمة السلطة على الأهالي.

4 – الإسهام في فضح جريمة قتل الشاب هشام بن جدو والمطالبة بمحاكمة كل من يثبت تورطه في ذلك.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني