الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > بدل أن نلعن الظلام... لنشعل شمعة!
بدل أن نلعن الظلام... لنشعل شمعة!
أيار (مايو) 2010

ذات مساء... تملكتني رغبة ملحة في التأمّل، كان وعي يدفعني إلى التمعّن في كل شيء بشكل جديد ورؤية جديدة. خرجت أجوب الشوارع التي مازالت آثار المطر واضحة على مبانيها وطرقاتها... كانت طاهرة... كأن المطر نفض عنها غبار التاريخ..!

رأيت الناس بلا وجوه، سائرين إلى حيث لا أعلم ولا هم كذلك يعلمون! كانت أجسادهم تتحرّك بفعل الزمن والحاجة والواجب... والطبيعة..! أجساد بلا أرواح وبلا عقول من شأنها أن تعطي لوجهتهم معنى.

صمتٌ وصمتٌ وصمتٌ..! وكلمات إن وجدت فهي بلا معنى. صمت يخنق الحناجر ويغتال الكلمات التي كنت أسمع صرخاتها في أعماق الأعماق، حتى الدمع محبوس يخشى سؤال: لماذا؟

تتأمل كل شخص، تبحث عن الاستثناء، عن التميّز، فلا تجد غير نماذج لصورة واحدة تتكرر... هنا في وطني، الجميع يعبّر عن إنسان واحد، إنسان مكبّل بأغلال اللاحرية وببراثن الخوف... هنا في وطني لا مجال للرفض، لأن الرفض موقف والموقف تعبير والتعبير إرهاب..!

وأنا في بوتقة تأملاتي، سمعت أصواتا، بل همسات. اقتربت من مصدر الصوت الآتي من غياهب البيوت فسمعت كلمات رفض وسخط وغضب وتنديد وثورة..! هزّني الأمل... فغدًا، عندما تتعالى الهمسات لتصير صراخا ودويًّا وزعزعات، تقوّض كل ألوان الكبت والاستغلال والرجعية... سافر بي الحلم إلى عالم الإنسانية... أين الحقوق والحريات، وأين الشعب سيّد الوطن وأين الوطن وطن الجميع.. غدًا عندما تشرق الشّمس ويرحل هذا الظلم الذي قتل الأحلام وقتل الربيع، ستكون الثورة..!

لكن مع بزوغ الشمس سكت الكلام عن الكلام وساد الصمت، لتعود الحياة كما كانت، حياة الموت..! حياة الذعر والخوف والانكسار..!

علّمونا الصمت، علّمونا التصفيق عن كل شيء وعن اللاشيء... عدلونا على نمط واحد، أكل وشرب ونوم... وفساد، هذا الذي عمّ ويعمّ جميع البلاد... فساد ممنهج يخدم مصالح سلطة أعلنت عداوتها لأبناء شعبها، وأعلنوا هم في الخفاء وخلف الستائر، سخطهم عليها، وحقد عميق لن يتبدّد إلا بقلب كل الموازين...

نمْذجُونا بطابع امبريالي، يخدم مصالح الأقلية، ويعمق ظلمة الطبقية ليزيد الجاهل جهلا، والفقير فقرا، والغني غنى، والمفسد فسادا...

هكذا نحن، شباب الأحلام، والطموح، قادرون لكننا متردّدون، واعين لكننا خائفون...

لذلك بدل أن نلعن الظلام، رفاقي، لنشعل شمعة..!

أمل



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني