الصفحة الأساسية > البديل الوطني > إنتاج كبير وفقر أكبر
الفلاحة في الجريد ونفزاوة:
إنتاج كبير وفقر أكبر
كانون الأول (ديسمبر) 2008

في مثل هذه الأيام من كل عام يكون موسم جني التمور قد شارف على الانتهاء، وبانتهائه تنتفخ جيوب كبار التجار والوسطاء و تعرف أوضاع الفلاحين وخاصة صغارهم وفقرائهم تدهورا آخذا في التعاظم من عام لآخر، ففلاحو توزر وقبلي يحسبهم من لا يعرف الحقيقة أن نشاطهم المرتبط بالتمور وخاصة دقلة النور "الذهب الخالص" تدرّ عليهم أرباحا كبيرة، فسعر كيلو الدقلة في الأسواق المحلية لا يقل عن 3500 مي ويتجاوز 4500 بالنسبة للأنواع الرفيعة وهو يتجاوز 5 دنانير حين يكون معلبا أو في الفضاءات السياحية، ويتجاوز هذه الأثمان في شهر رمضان. لكن مالا يعرفه الكثير هو أن سعر هذه المادة حينما تشترى من الفلاح/المنتج مباشرة هي دون ذلك بكثير فهي لا تتجاوز في كل الحالات 1500 مي بالنسبة للأنواع الرفيعة وشبه الرفيعة، أما المتوسطة (رقم 2) فهي لا تتجاوز الدينار الواحد، ولا تتجاوز 500 مي (رقم3 المسمات في الجريد ونفزاوة بالمجبودة) وهو نفس ثمن الكيلو غرام من العليق الذي يباع في أسواق التفصيل (أسواق الخضر والغلال) بما لا يقل عن 1500 مي هذا مع العلم أن الأنواع الجيدة والرفيعة من دقلة النور هي معدة أساسا للتصدير الذي بلغ في النصف الأول من سبتمبر 2008، 59,650 طن بعائدات تساوي 183 مليون و250 ألف دينار وهو ما يتجاوز المعدل السنوي للصادرات المقدر بـ106 مليون دينار أي 10% من قيمة الصادرات الزراعية البالغة 1,5 مليار دينار تونسي، هذه المبالغ الطائلة لا نصيب للفلاحين الفقراء منها إلا النزر القليل، فالقطاع غير منظم وليست هناك أية جهة حكومية تسعّر أنواع التمور أو تمكن الفلاحين من الخزن بمعاليم رمزية فالتمور مادة حساسة يجب جنيها فور نضوجها خوفا من الجوائح الطبيعية (الأمطار، الحرارة، العصافير...) فضلا عن كونها سريعة الفساد وهو ما يشكل ضغطا على المنتج كي "يتخلص" من بضاعته "مهما كان الثمن" وهو جانب يحسن استغلاله التجار والوسطاء (القشارة) الذين كثيرا ما يشترون البضاعة من أصولها "بالكلمة" أو يوصلها الفلاحون إليهم جاهزة ليتولى هؤلاء بيعها بأثمان عالية وإثر ذلك خلاص الفلاح بأثمان منخفضة بعد مدة قد تطول. وبذلك يكون الفلاح هو الحلقة الأضعف في سلسلة الإنتاج. إن الفلاح الصغير والفقير الذي تعوزه الإمكانيات كي يؤهّل إنتاجه ويطوره بالشكل المطلوب (تنظيف، مواد عضوية، تغليف العراجين، حراثة...) والذي تنهكه الظروف المادية والمعيشية الصعبة، يضطر إلى الخضوع الذليل للمحتكرين والسماسرة وكبار التجار الذين يتحكمون في السوق، يشترون بالبخس ويبيعون بالنفيس. أما الدولة فهي متخلية تماما عن دورها لصالح هؤلاء لذلك لا غرابة أن لا يكون بالجنوب الغربي معامل ومصانع للتمور والصناعات المتفرعة عنها كما أن عدد المخازن المكيفة محدودة وتابعة للخواص مقابل معاليم مشطة. وطبعا فالغائب البارز في هذا الوضع الصعب هو اتحاد الفلاحين أو بأكثر دقة اتحاد كبار الملاكين العقارين يدافع عن مصالحهم ويسهّل استفادتهم من النظام السياسي القائم باعتباره نظام الأثرياء الكبار.

إن أوضاع صغار الفلاحين وفقراؤهم في منطقة الجنوب الغربي آخذة في التدهور والانحطاط ولا خيار أمامهم إلا الاحتجاج والرفض لواقع البؤس كما يفعل إخوتهم في أوروبا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية دفاعا عن حقهم في:

- التسعير العادل للتمور
- تخزين التمور بأسعار رمزية
- إيجاد معامل فرز التمور وتصنيعها في الجهة بما يوفر مواطن شغل فضلا عن الحق في التنمية الجهوية
- تيسير القروض لتحسين الصّابة كمّا ونوعا
- توفير الريّ بمعاليم رمزية علما وأن منطقة توزر وقبلي تحوزان أهم مائدة مائية في البلاد.
- حسم الأوضاع العقارية العالقة باستكمال توزيع الأراضي الاشتراكية والتشجيع على استصلاح الأراضي الفلاحية غير المهيأة من قبل خريجي الجامعة المعطلين (حزوة، رجيم معتوق...).



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني