الصفحة الأساسية > البديل الوطني > من أجل حلّ جذري لأزمة الرابطة
من أجل حلّ جذري لأزمة الرابطة
25 كانون الأول (ديسمبر) 2008

يتساءل الرابطيون وسائر المهتمين بحقوق الإنسان في تونس عن مصير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في هذا الوقت الذي يحتفل فيه الحقوقيون بالذكرى الستين لصدور الإعلام العالمي لحقوق الإنسان. هذه الذكرى التي تمثل مناسبة لتقييم وضع حقوق الإنسان في بلادنا وما قدّمه الرابطيون فروعا وهيئة مديرة ومنخرطين لصيانة منظمتهم وتطوير أدائها كواجهة من واجهات النضال الديمقراطي.

يوجد انطباع لدى سائر الرابطيين بأن أزمة الرابطة طالت أكثر من المتوقع وأن السلطة مصرّة على الذهاب بعيدا في تهميشها وإضعاف دورها أو جعلها في أحسن الحالات هيكلا صوريا يقتصر نشاطه على إصدار بعض البيانات بصفة فوقية دون تأثير في أوسع الناس الذين يضيقون ضرعا يوما بعد آخر بتفاقم مظاهر الظلم والقهر السياسي والتهاب الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية وفقدان الشغل وتردّي الخدمات الصحية والتربوية والثقافية، ولعلّ ضرب الرابطة بالتضييق على هياكلها ومنعها من إنجاز مؤتمرها السادس ومحاصرتها أمنيا وقضائيا يتنزل في هذا الإطار حتى لا يجد "ضحايا الاضطهاد" سندا لهم في محنهم ومعاناتهم.

كما توجد قناعة لدى العديد من الرابطيين بأن هياكل الرابطة نفسها قصّرت في الدفاع عن ذاتها، وعن حقها المشروع في النشاط الحرّ. إن السلطة بمحاولتها إطالة الأزمة وغلق أبواب الحوار تجد لنفسها متنفسا ولو مؤقتا، لكنها تراهن أيضا على التناقضات الداخلية التي قد تثمر تنازلات من شأنها إضعاف المنظمة وضرب استقلاليتها خصوصا وأن بعض الرابطيين - ولو أن عددهم قليل - لا يريد أن يفهم أن أصل الداء هو الدكتاتورية التي لا تقبل بوجود رابطة مستقلة ولا "تقنع" ببعض التنازلات، بل إن شهيتها تزداد مع كل تنازل حتى تبتلع المنظمة كلها.

لقد عبّرت المجالس الوطنية المتعاقبة المنعقدة استثنائيا خلال فترة الأزمة على التمسك بالرابطة مستقلة ومتحملة لمسؤولياتها تجاه سائر المواطنين والمواطنات مدافعة أبيّة عن حقوق الإنسان في أبعادها المتعددة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية... كما عبّرت هذه المجالس على أنّ أزمة الرابطة ناجمة عن تدخل السلطة في شؤونها الداخلية وسعيها إلى عرقلة نشاطها بتحريك أتباعها وحثهم على الانقلاب عليها بمساندة بوليسية وقضائية مفضوحة.

إن التعاطف مع الرابطة داخليا وخارجيا - على أهميته - لا يكفي ولا يمكن أن يفرض بمفرده على السلطة التراجع واحترام استقلالية الرابطة وحقها في النشاط. كما أنّ قانونية الرابطة وعراقتها باعتبارها أقدم منظمة حقوقية في إفريقيا والعالم العربي لا تكفي بدورها لإنصافها وإخراجها من أزمتها.

إن المطروح على سائر الرابطيين والرابطيات هو رسم خطة نضال مدروسة وجريئة تقطع مع الروح التي سادت في السابق وتستلهم من بعض التجارب الإيجابية حتى تعيد ملف الرابطة إلى الواجهة وتجبر السلطة على تقديم التنازلات الضرورية بتمكين الفروع والهيئة المديرة من حقها في النشاط العادي، وفي الإعداد لإنجاز المؤتمر السادس في كنف الاستقلالية، وحل كل إشكالاتها الداخلية دون تدخلات أو ضغوط مهما كان مصدرها.

إن الحلقة التي من الواجب مسكها هو عودة كل الفروع إلى النشاط، حتى دون مقرات، وتركيز الاهتمام على مشاغل المواطنات والمواطنين والانتهاكات التي يتعرضون لها يوميا وتنظيم الحملات للتشهير بتلك الانتهاكات وتربية الناس على الدفاع عن حقوقهم. وهو ما سيعيد إلى الرابطة إشعاعها المعتاد ويقلب الكفة لصالحها. فالسلطة تشعر بالراحة طالما أن الرابطيين منغمسون في المشكلة الداخلية ولا يركزون نشاطهم على قضايا المواطنات والمواطنين وعلى الانتهاكات.

إن خبرة الرابطيين ومعرفتهم الجيدة لطبيعة نظرة السلطة لمنظمتهم، وثقتهم بقدراتهم النضالية وقد خرجوا منتصرين بعد كل الأزمات التي تعرضت لها منظمتهم والالتفاف الجماهيري الواسع والثقة والمصداقية التي تحظى بها تشكل في مجموعها عناصر قوّة ودوافع نجاح في سبيل الدفاع عن استقلاليتها.

مراد الذويبي



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني