الصفحة الأساسية > البديل النقابي > بيان تأسيسي
اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل بولاية تونس:
بيان تأسيسي
20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

تفاعلا مع المبادرة الوطنية التي أطلقها "اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل" من خلال "الأرضية النقابية" وأسوة برفاقنا المناضلين في جهات أخرى من البلاد وإيمانا منا بأن واقع العمل النقابي الراهن والأزمة العميقة التي يتخبط فيها الاتحاد العام التونسي للشغل يحتاجان إلى جهد المناضلين المخلصين لإعادة ترتيب البيت النقابي وتخليصه من الأمراض التي أصابته في الصميم فكادت تشله أو تحوله إلى ديكور أجوف خال من أي روح نضالية فإننا نعلن عن تأسيس اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل بولاية تونس وذلك توسيعا لفعل "الأرضية النقابية" ومن أجل تقاسم الأعباء التي يحتاجها جهد التعبئة واستنهاض الهمم لتحقيق جملة الأهداف التي تضمنها النص التأسيسي الأول والذي حاز على رضى عدد كبير من النقابيين ووجد لديهم الصدى الطيب والقبول الحسن.

يمرّ الاتحاد العام التونسي للشغل بأزمة حادة متعددة المظاهر والمستويات أفقدته القليل الذي كان حققه في العقود الماضية، وبتضحيات جسيمة، في مجال الدفاع عن استقلالية قراره حيال السلطة، لقد حولته هذه الأزمة إلى تابع من توابع الديكور السياسي والجمعياتي وإلى جهاز إداري ضخم لا دور له غير تبرير وتشريع وتمرير الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للسلطة وتفكيك وعي العمال النضالي باعتماد خطاب مزدوج وشعارات دعائية مغالطة لا تمت بصلة إلى حقيقة ما يجب أن يقوم به على أرض الواقع. أما على مستوى التسيير الداخلي فإن أوضاعه قد تردّت بشكل مفزع إذ تحوّل الاتحاد إلى جهاز بيروقراطي لا معنى له ولا مكانة فيه لرأي أو قرار القواعد والهياكل القاعدية والوسطى والهيئات الممثّلة ذات القرار. بل انتشرت فيه بالمقابل قيم الزبونية وشراء الذمم باستعمال مداخيل الانخراطات وعائدات مؤسساته الاقتصادية كأسلوب عمل كما انتشرت داخله تقاليد التملّق والولاء الشخصي الكاذبة مثل "حماية المنظمة" و"مصلحة الاتحاد" و"الملفــات المالية" مجرد ذريعة كما أضحت لجان النظام الوطنية والجهوية أداة لتصفية الخصوم ومخالفي الرأي. لقد تلاشت مصداقية الاتحاد بسبب مسايرة قياداته لسياسة السلطة.

وفي ترابط مع هذا الوضع تسعى المركزية النقابية جاهدة وبطرق مختلفة للالتفاف على قوانين المنظمة حتى تحافظ على مواقعها وامتيازاتها، فتستهدف النقابيين المعارضين لتوجهاتها عبر لجان النظام وتغدق الامتيازات لمن يسير في ركابها وتحاول جاهدة الالتفاف على الفصل العاشر من القانون الأساسي والنظام الداخلي الذي سنّه مؤتمر جربة (2002) وثبّته مؤتمر المنستير (2006) تعميقا لأحد المبادئ الأساسية للعمل النقابي الديمقراطي ألا وهو التداول على المسؤولية النقابية والحد من مظاهر البيروقراطية. إن كل هذه الأوضاع تستدعي تخليص المنظمة من البيروقراطية التي أحكمت قبضتها على مصيرها. وإن ما يجري داخل الحركة النقابية الديمقراطية والمناضلة من مقاومة لهذه النزعة التي تهدد حياة المنظمة ليس شيئا مستحدثا أو طارئا بل إنه في الواقع حلقة من سلسلة وجزء من مسار تاريخي عسير.

على هذا الأساس ومن منطلق قناعاتنا الراسخة بضرورة تغيير هذا الوضع المتأزم، ندعو كل النقابيين للتمسك بالعمل النقابي المناضل، الذي يدافع على قضايا الشغيلة ويحمل بدائل واقعية لاختيارات السلطة وينحاز بصدق ومسؤولية إلى القضايا الوطنية كما ندعوهم إلى العمل معا من أجل تحقيق الأهداف الدنيا التالية:

1 - إعادة الاعتبار لقيم العمل النقابي المستقل المتحرر من هيمنة السلطة والبعيد عن امتلاءاتها وشروطها واستحقاقاتها الحزبية والانتخابية واختياراتها الاقتصادية والاجتماعية.
2 - الاحتكام إلى القاعدة النقابية وذلك بإشراكها في التفكير في الشأن النقابي وفي صياغة القرار بواسطة إعادة الاعتبار إلى النقابات الأساسية والتشجيع على الانخراط فيها والعمل صلبها وحمايتها من كل التجاوزات التي تمس بحرية العمل النقابي.
3 - نشر قيم النضال النقابي القائم على التضحية في سبيل الغير وتخليص المنظمة من هيمنة عقلية الانتهازية والتمعش وداء التموقع التي ساهمت القيادة في نشرها بواسطة عقلية ضمّ الأتباع واستلحاق أبناء العشيرة أو الجهة وإفساد ضمائرهم وتعويدهم على البحث عن المنفعة الشخصية الشيء الذي سفه مصداقية العمليات الانتخابية التي كثيرا ما تتحول إلى مواعيد للتعارك بين الأشخاص للظفر بالمسؤولية عبر خلق الشقاق داخل الجسم النقابي. وإن أخطر ما ينطوي عليه هذا التوجه هو إلغاؤه مفهوم المعارضة بعد أن أصبح مطلوبا من الجميع الانسجام مع توجهات القيادة.
4 - نشر ثقافة الاحتكام إلى قانون المنظمة ونظامها الداخلي واحترام القواعد المنصوص عليها صلبهما والامتناع عن كل ممّا شأنه التشجيع على خرقهما أو الانقلاب عليهما والتقيّد في كل عملية مراجعة لبنودهما بما يقررانه من الصلاحيات القانونية المسندة لكل هيكل من هياكل المنظمة وعدم الخلط بين صلاحيات هذا الهيكل أو ذاك.
5 - جعل مبدأ التداول على المسؤولية النقابية مبدأ أصيلا من مبادئ المنظمة وذلك بتكريس هذا المبدأ على المسؤوليات النقابية وسحبه على التشكيلات الجهوية والهياكل القطاعية الوطنية على غرار الفصل الخاص بالترشح لعضوية المكتب التنفيذي الوطني.
6 - التأكيد على أن "إعادة الهيكلة" تستمد مشروعيتها ممّا ستدخله من ديمقراطية على الحياة الداخلية للاتحاد وما ستضعه بين أيدي النقابيين، هياكل وقواعد، من آليات لمقاومة النزعة البيروقراطية والانفراد بالرأي وتوظيف المنظمة لخدمة الخيارات والمصالح الفئوية الضيقة لهذا الشخص أو ذاك أو لهذه المجموعة أو تلك على حساب مصالح العمال والشغالين عامة.
7 - فصل التسيير الإداري والمالي فصلا كليا عن المسؤولية النقابية وتعصير طرق التسيير وتطوير منظومة المراقبة والمحاسبة وفق أساليب التصرف المؤسساتي العصرية.
8 - رفض طريقة التفاوض الدورية الممركزة التي أدت إلى ضمور عمل الهياكل القيادية القطاعية التي لم تعد قادرة على تصور مطالبها والدفاع عنها والتفاوض بشأنها ولقد أدى هذا التحكم في مصير القطاعات وإلحاق المطالب الخصوصية بالمفاوضات العامة إلى يأس كثير من النقابيين من جدوى العمل النقابي وهجر الاجتماعات العامة وتعاظم ظاهرة النفور ومقاطعة الانتخابات والعزوف عن الترشح مما جعل كثيرا من النقابات تنجز مؤتمراتها بمن حضر كل ذلك في جوّ من التشكك في نوايا القيادة وأولوياتها ومصالحها.
9 - رفض مشروع القانون الجديد للتقاعد الذي قدمته السلطة والتصدي لمحاولة تحميل الشغالين نتائج السياسيات الليبرالية والدعوة إلى تحركات جهوية (ندوات ، تجمعات مسيرات...) تعبيرا عن هذا الرفض وتصديا لمحاولات فرضه.
10 - إعادة صياغة أدوار الشباب والمرأة في العمل النقابي وذلك بتعزيز وجودهما في هياكل الاتحاد القاعدية والوسطى والقيادية العليا وبالحد من العوائق التي تحول دون وصولهما إلى فرص تقلد المناصب صلب المنظمة من خلال تصور تطبيقات عملية لدمج هذه العناصر ومنها إخضاع مقترح نظام الكوتا إلى استشارة نقابية موسعة.
11 - المطالبة بزيادة في الأجور تغطي التدهور الحاد في القدرة الشرائية، وتجند النقابيين للدفاع عن ذلك ورفض الشكل الفوقي للمفاوضات الذي تمارسه القيادة حاليا.
12 - إعادة الاعتبار للدور الوطني للاتحاد ولمسؤوليته التاريخية في الدفاع عن الحرية والديمقراطية في البلاد وذلك انسجاما مع قانونه الأساسي وهو الدور الذي تخلى عنه تماما أو يكاد حين فك ارتباطه بمشاغل المجمتع المدني وأزماته التي كثيرا ما تختفي وراءها أيادي السلطة فاقتصر دوره على الإشارة إلى هذه الأزمات في نصوص لوائح المجلس الوطني أو المؤتمر من باب رفع الملامة وبشكل فيه كثير من اللامبالاة والاستخفاف بمعاناتها ممّا سهل على السلطة محاربة كل نفس استقلالي ضمنها وذلك بالانقلاب على الجمعيات والهيئات المستقلة وخلق صعوبات داخلها أدت إلى شللها أو وقوعها بين أيدي الانقلابيين كما حصل ذلك في الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وجمعية القضاة التونسيين والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين.
13 - إطلاق سراح بقية مساجين الحوض المنجمي وإرجاع كافة النقابيين المطرودين إلى سالف عملهم وإطلاق سراح الطلبة المسجونين وإرجاعهم إلى مقاعد الدراسة.

إننا نعتقد في الأخير أن الاستحقاقات النقابية الوطنية المقبلة من مجلس وطني ومؤتمر تشكل رهانا جوهريا من أجل تطوير العمل الديمقراطي النقابي والدفع به نحو الأفضل، كما نعتقد أن التناقضات الاجتماعية ستزداد احتدادا بكيفية تسمح بفرز أقوى، في الساحة النقابية خلال السنوات المقبلة، بين قوى المعارضة النقابية الديمقراطية والمناضلة وبين أنصار الموالاة للبيروقراطية بكل أغراضهم ومنافعهم.

اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل بولاية تونس
تونس في 20 نوفمبر 2010



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني