الصفحة الأساسية > كتب ومنشورات > حزب العمال الشيوعي التونسي: موقف ثابت ومتماسك من انقلاب 7 نوفمبر 1987 > من أجل بديل ديمقراطي: ليرحل بن علي (مقتطف)
الفهرس
حزب العمال الشيوعي التونسي: موقف ثابت ومتماسك من انقلاب 7 نوفمبر 1987
من أجل بديل ديمقراطي: ليرحل بن علي (مقتطف)

إنّ "برنامج الحرّية السّياسيّة"، كان ولا يزال بمختلف أبعاده البرنامج السّليم الذي نراه يستجيب في خطوطه الأساسيّة لمقتضيات المرحلة التي يمرّ بها مجتمعنا التّونسي والتي تمثّل فيها الدّكتاتوريّة الدّستوريّة في صيغتها النّوفمبريّة الحاليّة، العائق الرّئيسي أمام نهضته وتحرّره من الاستعباد السّياسي والاستغلال الفاحش والهيمنة الامبرياليّة الغربيّة. ولكنّنا مطالبون بأن نتعهّد باستمرار هذا البرنامج ومواكبة المتغيّرات التي تحصل في الواقع. نرى ضرورة تركيز برنامج الحرّية السّياسيّة اليوم وغدا على شعار رئيسي يعبّر بشكل مكثّف عن كافّة محاور هذا البرنامج ويشكّل الحلقة الأهمّ في سلسلة الشّعارات التي نرفعها، لأنّ إنجازها يسمح بإنجاز بقيّة الشّعارات.هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ الشّعار الرّئيسي المطروح رفعه ينبغي أن يتميّز بطرح قضيّة السّلطة السّياسيّة بوضوح على الشّعب. فمن الضّروري أن لا يغيب عن أذهاننا لحظة واحدة أنّ كلّ تكتيك تصوغه الحركة الديمقراطية ينبغي أن يكون هدفه التّقدّم بالشّعب التّونسي نحو افتكاك السّلطة السّياسيّة من أيدي الدّكتاتوريّة النّوفمبريّة الغاشمة، لأنّ الشّعب الذي يمسك بالسّلطة هو القادر وحده على تحقيق آماله وطموحاته.

وبناء على ذلك فإنّ الشّعار الرّئيسي الذي نراه يجمع الخاصيّات التي ذكرناها والذي ينبغي طرحه اليوم بإلحاح هو شعار "ليرحل بن علي". وبطبيعة الحال توجد أسباب كثيرة تبرّر هذا الشّعار، لكنّ أهمّ هذه الأسباب يمكن حوصلته في النّقاط الثّلاث التّاليّة: أوّلا: إنّ الحكم الفردي المطلق هو عصب النّظام السّياسي في تونس. فرئيس الدّولة يجمّع بين يديه كافّة السّلطات، التّنفيذيّة والتّشريعية والقضائيّة. ولا توجد أيّة مؤسّسة قادرة على مراقبته أو محاسبته أو مقاضاته أو عزله عند الاقتضاء. لذلك فإنّ نقد الحكم الفردي المطلق، وبالتّالي نقد بن علي هو الشّرط الأوّل لنقد النّظام السّياسي في تونس. كما أنّ وضع حدّ لهذا الحكم الفردي المطلق وبالتّالي إجبار بن علي على الرّحيل هو الشّرط الأوّل لأيّ تغيير جوهري في ذلك النّظام.

ثانيا: إنّ أربعة عشر عاما من حكم بن علي، الدّكتاتوري، الأوتوقراطي لم يجن منها الشّعب والبلاد إلاّ مزيد البؤس المادّي والمعنوي. فالقمع السّياسي والاجتماعي والثّقافي ازداد شراسة. واستغلال العمّال وعامّة الطّبقات والفئات الشّعبيّة ونهبهم اشتدّا وتكثّفا والفوارق بين الأقلّية الغنيّة وعامّة الشّعب تعمّقت. والفساد الذي يشمل مختلف أجهزة الدّولة ودواليبها والذي تمثّل العائلات القريبة من القصر (عائلة بن علي وأصهاره وأقرباؤه وأصدقاؤه...) محوره استفحل وتحوّل إلى ركيزة أساسيّة من ركائز النّظام النّوفمبري. والعمالة للدّول والمؤسّسات الماليّة والشركات الاحتكارية الإمبرياليّة تفاقمت. وفي هذا الإطار يندرج تطبيع بن علي لعلاقات نظامه بالكيان الصّهيوني. ولا يمكن في الحقيقة تصوّر أيّ تحسّن جوهري وفعلي لأوضاع الشّعب والبلاد طالما أنّ بن علي يمسك بالسّلطة باعتباره المسؤول الرّئيسي عن كافّة الاختيارات المنتهجة في جميع المجالات. وبعبارة أخرى فإنّ رحيله شرط ضروري للنّهوض بالمجتمع التّونسي بعد حوالي نصف القرن من الدّكتاتوريّة الدّستوريّة (45 سنة).

ثالثا: إنّ فترة بن علي الرّئاسيّة الثّالثة والأخيرة حسب الفصل 39 من الدّستور تنتهي في نوفمبر 2004. وبالتّالي فإنّ رحيله لا تحتّمه نتائج سنوات حكمه البائسة في مختلف الميادين فحسب بل يحتّمه كذلك الدّستور. ولكنّ الجنرال لا ينوي حسب كلّ المؤشّرات الرّحيل. وهو الآن بصدد البحث عن بعض الحيل أو الخزعبلات التي تمكّنه من الالتفاف على الدّستور وعدم مغادرة قصر قرطاج. وقد تكون قرائح مستشاريه تفتّقت إلى حدّ اليــوم عن أحد أمرين: إما تعديل الفصل 39 المذكور والتخلّص مما فيه من تحديد لعدد مرّات التّرشّح للرّئاسة بصورة متتاليّة (لا يجوز لرئيس الجمهوريّة أن يجدّد ترشّحه للرّئاسة أكثر من مرّتين متتاليّتين) أو جراء استفتاء شكلي ومزوّر على غرار جميع الانتخابات التي جرت في "العهد الجديد" والإدّعاء بأنّ الشّعب متمسّك، بنسبة 99،99% ببقاء بن علي في الحكم "نظرا إلى الخدمات الجليلة التي قدّمها إلى الوطن". وفي كلتا الحالتين فإنّ هدف بن علي هو البحث عن وسيلة تشرّع بقاءه في الرّئاسة مدى الحياة. وما ذلك إلاّ انتهاك للدّستور وتلاعب به بالإضافة إلى كونه إهانة للشّعب التّونسي واستنقاصا له. وهو ما يجعل من المطالبة برحيل بن علي أمرا ملحّا بناء على الدّستور نفسه حتى يفسح المجال لانتخابات رئاسيّة حرّة.

هذه هي الأسباب الأساسيّة الثّلاثة التي نراها اليوم تبرّر التركيز على شعار "ليرحل بن علي"، الدّكتاتور، الحاكم الفردي المطلق.

حزب العمال الشيوعي التونسي

ماي 2001


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني