الصفحة الأساسية > كتب ومنشورات > حزب العمال الشيوعي التونسي: موقف ثابت ومتماسك من انقلاب 7 نوفمبر 1987 > هذا ما جنى دكتاتور بيده
الفهرس
حزب العمال الشيوعي التونسي: موقف ثابت ومتماسك من انقلاب 7 نوفمبر 1987
هذا ما جنى دكتاتور بيده

ليس الملفت للانتباه الانقلاب في حدّ ذاته. فبورقيبة بنى سياسته على "الانقلابات" المدنية والبيضاء والتي ينفذها حسب الأوضاع السياسية العامة بالبلاد، وحسب الكتل الجديدة والقوية التي تظهر في قصره. وليس أيضا أن من "تجرّأ" على إزاحته كان الجيش، فقد منحه فرصة، ونسي أنّه يتمتع بقوة التنفيذ بخلاف الساسة المدنيين الذين بقوا قرابة العشرين عاما يترقبون أن تأخذ "يد القدر" أحدهم على بوابة العرش. بل الملفت أكثر للانتباه "رجالات" حزب الدستور "كبارا" و"صغارا" الذين تربوا في نعمته كلهم في ظرف 24 ساعة تنكروا له، "قلبوا الفيستة" –كما يقول المثل الشعبي-. وبعد أن كانوا يصفقون له ويهتفون "بالروح بالدم نفديك يا بورقيبة"، أصبحوا يصفقون للجنرال ويهتفون "بالروح بالدم نفديك يا زين". وهم مستعدون لو ظهر مغامر آخر وانقلب على "الزين" لصفقوا له ولهتفوا بحياته. إن هذا الحزب الهرم وهؤلاء الساسة الذين رباهم سيدهم طيلة 30 سنة وزيادة على التملق والتمسح على أعتابه وجعلهم "كبارا" و"صغارا" يتسابقون في التقرب إليه والتودد، غرس فيهم الانتهازية والتذلل أمام المسؤولين منهم، وجعلهم يصفقون اليوم لمن يتحكم في "رقابهم" ويخدمونه وغدا لمن يعوضه. فحتى محمد الصياح الذي لم يعرف طعم "الهزيمة"، وهو البارع في التقلب –بعث برسالة للهادي البكوش يمتدحه فيها ويطلب منه العفو وكأنه يقول: "إنّي مستعد لإعادة كتابة تاريخ الحركة الوطنية، أعطوني فرصة وسأجعل منكم أبطالا كما جعلت من الذي خلفتموه!!". هذا هو حزب الدستور ورجالاته، بالأمس كانوا يصفقون لكل قرار يأخذه "المجاهد الأكبر" على أنه "حكيم" و"تاريخي" و"ثورة لم تعرفها البلدان المتقدمة"، ويتجندون لبعث برقيات الولاء والتأييد واليوم يقومون بنفس الصنيع لما أزيح من على "العرش". إنهم مع الواقف ولو كان بهيم" -كما يقول المثل الشعبي- ولقد أثرت هذه التربية الفاسدة في العديد من الأوساط الشعبية، وزرعت روح التملق والخوف من المسؤول، وقتلت فيها إرادة الرفض والدفاع عن حريتها وكرامتها وخبزها مهما كان الثمن. وكم قرأنا وسمعنا ورأينا رئيس شعبة "لا يفهم كوعه من بوعه" أو عمدة يصول ويجول بيد طليقة ينتهك الأعراض ويسرق ويرتشي ويخلق إلى جانبه وكر فساد من ميليشياته الخاصة يستعملها للعبث ولتأديب الناس، وتراه في نفس الوقت يزحف أمام رئيس الدائرة الحزبية أو المعتمد ويعرض عليه خدماته بأفظع وأقذر صورة وهكذا دواليك. تركت هذه التربية بصماتها عميقة في نوع من الانتهازية لدى العديد من الأوساط الشعبية ويجدون تبريرا لها في بعض الأمثال المعبرة على هذه الروح: "ذيل الكلب إذا مرقك من الوادي آش يهمك من نتونته". وهو ما يجعلنا نرى أن العامل مثلا له انخراطه في حزب الدستور وفي نفس الوقت في الاتحاد العام التونسي للشغل وإن لزم الأمر وقت "الانفراج" في أحد أحزاب المعارضة القانونية وفي السنين الأخيرة لما كبر شأن "الإخوان" أصبحنا نرى حتى المدمنين على الخمر من أكثر المتزمتين دينيا والمتعصبين إلى درجة تبعث على الضحك أحيانا. وسارعت أعداد مهولة من الناس بوضع "طابع" على جباههم حتى يظهروا من أصحاب "الورع" و"التقوى".

علينا أن نأخذ بعين الاعتبار في دعايتنا هذه الظاهرة ونولي أهمية لمقاومتها حتى نبعث في الشعب روح العزة والكرامة ونعزل المتملقين الذين هم مستعدون لبيع قضية الشعب والوطن بأبخس الأثمان.

-  عاشت الطبقة العاملة المناضلة من أجل التحرر
-  عاش حزب العمال الشيوعي التونسي
-  لنرفع الغشاوة ونكشف حقيقة الانقلاب
- لندل الشعب على الزي الحقيقي الذي يحمله الجنرال.

صوت الشعب، ص1: العدد 43، 1 ديسمبر 1987


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني