الصفحة الأساسية > البديل الوطني > أوهام السّاسَة
نقيشة سياسية:
أوهام السّاسَة
27 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

ونحن نعيش هذه الفترة الانتقالية الثورية في تونس، نلحظ عددا كبيرا من الأوهام الغريبة التي تسكن عقول بعض الساسة والنشطاء الحقوقيين. كل هذا وسط تدفق عجيب للمال السياسي، من داخل البلاد- وقد وقع الشحّ به من قبْل لخلق مواطن الشغل- ومن خارج البلاد كذلك- وقد رأينا أصحاب المصالح المالية العالمية يبخلون على تونس من قبل بالاستثمارات إلا مقابل أرباح كبيرة ونسب فوائض مرتفعة- وكذلك وسط خلط كبير للأوراق في الساحة السياسية فعشنا ولا نزال ركوب الثورة وشعاراتها من كل من هبّ ودبّ من الانتهازيين والوصوليين الذين قلبوا «الفيستة» وصاروا يزايدون على من قاوم بن علي وحكمه الفاسد- في هذا الغموض المرحلي، تختلط الأشياء وتغيم الرؤيا وسط عدد من الأوهام القاتلة والتي قد تنتج عنها انتكاسات وخيبات ومآسي غير منتظرة...

من ذلك لهفة عديد السياسيين وتسرعهم المبالغ فيه للوصول إلى الحكم بما يذكّر بلهفة رموز عهد بن علي للثراء الفاحش والمتسرع وما صاحب ذلك من سرقات ونهب واستيلاء بالقوة (مع التلاعب القانوني) على أملاك الدولة والخواص ونتيجة ذلك من نقمة وثورة وإخلالات اقتصادية وسياسية.

وقد رأينا بعضهم، بتعلات واهية، يساندون حكومتي الغنوشي والسبسي التجمعيتين، ثم يتطاولون على القوانين ويتعالون على المواطنين ويهاجمون المناضلين... فأعطوا بذلك صورة بائسة عن البديل الممكن لفساد عهد بن علي...

ومن الأوهام الخطيرة، توجُّه جل الأحزاب وعشرات القائمات إلى مسارات أحادية تدافع عن لون الحزب وعدد مناضليه وأنصاره في هذه المحطة الانتخابية «النزيهة» الأولى، متناسين أن هناك شيء أهم من المهم وهو ضرورة التوحد ضد أعداء الثورة ومن أجل الدفاع عن الثورة ضد أعدائها في الداخل والخارج وهم كثرة. فعدم الإقدام على بعث التحالفات السياسية في هذه المرحلة الهامة والتاريخية، قد تكون له نتائج خطيرة عكسية على مسار الثورة، مما سينجر عنه ارتباك وإرباك، نحن نرى في الواقع بعض إرهاصاته من الآن- وقد تكون فرص التدارك في المستقبل قليلة وربما معدومة...

لذلك لا بد من القطع وبسرعة مع أمثال هذه النظرة القصيرة والرومانسية- والتي هي ربما من طبيعة مرحلة الاندفاع هذه، بعد سنوات الكبت والإقصاء- حتى لا تُجهض الثورة وحتى نعتبر جميعا أن مصالح الثورة وأهدافها في الكرامة والتنمية المتوازنة هي أهم شيء الآن وكل ما عدى ذلك يمكن أن ينتظر قليلا وأنّ مطامح الزعماء السياسيين- وإن كانت مشروعة- لا بد أن تمر بعد المصلحة العليا للوطن وبعد انتظارات المواطنين التي هي أصل الأشياء لا قنطرة للمطامع والحسابات وإلا لكانت خيبات لا قدّر الله.

جلول عزونة



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني