الصفحة الأساسية > البديل الوطني > صناديق «مجنونة»
صناديق «مجنونة»
27 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

أجمل ما في هذه الانتخابات هو أن نتائجها لم تكن معلومة النتائج مسبقا مثلما ما كان عليه الحال في المهازل الانتخابية التي كان ينظمها بن علي. وقد جاءت بعض النتائج متوقعة مثل فوز النهضة بالمرتبة الأولى، لكن الذي فاجأ الجميع هو حصول قائمة الهاشمي الحامدي على أكثر من 10 بالمائة من الأصوات. كيف تحصل الحامدي على كل هذه الأصوات؟

البعض ذهب إلى أن هذه الأصوات هي أصوات التجمعيين الذي أسسوا حزبا «سريا» وفاجأوا به الجميع. في حين رأى البعض الآخر أن بعض النهضويين الغاضبين أو المنشقين هم من خلقوا المفاجأة وصوّتوا لعريضة الهاشمي الحامدي.
ومهما يكن من أمر فإن بعض المفاجآت التي أسفرت عنها صناديق الاقتراع تجعلنا نتساءل عن الآليات التي تتحكم في وعي التونسي وتجعله يصوّت لهذا ويرفض ذاك. وهل أن هذه المفاجآت هي بداية لمفاجآت أخرى قد تحصل في المواعيد الانتخابية القادمة.

وقد شعر البعض بالغصة وكاد «يكفر» بالديمقراطية وهو يرى مثلا الهاشمي الحامدي يحصد عديد المقاعد ويصعد مرشحوه إلى المجلس التأسيسي وهم الذين لم يكن لهم أي في دور لا في مقاومة الدكتاتورية ولا في الثورة بل إن أغلبهم انخرط في مشروع بن علي وهادن الدكتاتورية ولمّع وجهها. وفي المقابل يمنى المناضلون الحقيقيون من أمثال حمه الهمامي وجلول عزونة وراضية النصراوي وعبد الناصر العويني ومناضلو الحوض المنجمي وغيرهم بهزائم قاسية ويحرم أنصارهم من دخول التأسيسي.

صحيح أن كل تونسي وهو في طريقه إلى مكاتب الاقتراع لديه سبب معين سينتخب على أساسه فهناك من ينتخب على أساس الاقتناع ببرامج القائمة التي سيصوت لها وهناك من سيصوت لأنه يعرف مترشحا معرفة ذاتية وهناك من يصوت على أساس جهوي أو عروشي أو ديني، كل هذا منطقي ومقبول إلى حد ما لكن أن يصبح العامل الذاتي هو المحدد في الانتخابات فهذا يشكل انحرافا لا بد من تصويبه والارتقاء بوعي الناخب والمراهنة على وعيه وليس على قلة وعيه.

وتبقى للديمقراطية أحكامها التي لا بد من احترامها حتى وإن قست على البعض وتنكرت لهم. والناخبون الذين صوتوا بكثافة وأفرزوا هذه النتائج التي لم تعجب البعض وأعجبت البعض الآخر، هؤلاء الناخبون هم أنفسهم سوف يعكسون الهجوم. لكن هذا مرهون بمدى قدرة القوى الثورية على الارتقاء بوعي الجماهير وتصويب رمايتها للأوراق داخل صناديق الاقتراع. وحتى لو صوّت الشعب ضد القوى الثورية والتقدمية فإن هذه القوى مطالبة باحترام اختياره وعدم فقدان الثقة فيه والعمل على الفوز بثقته.

عبد الجبار المدوري



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني