لم يكن عنصر المفاجأة غائبا عن انتخابات التأسيسي إذ أثار صعود بعض القوائم وحصولها على نسبة محترمة من الأصوات على غرار قوائم العريضة الشعبية جدلا واسعا لدى العديد من الأوساط التي عبّرت عن حيرتها من البروز الانتخابي لهذا التيار الذي يرأسه الهاشمي الحامدي رئيس قناة المستقلة التي تبث من لندن، ولم يخف المتسائلون تحفظهم إزاء هذا الرجل الذي سخر قناة «المستقلة» -التي لا تملك من الاستقلالية سوى الاسم- لخدمة حملته الانتخابية التي عول فيها على خطابه الإسلاموي المنمّق.
وراح يغدق الوعود على أبناء سيدي بوزيد وتالة وقفصة والقصرين واعدا إياهم بالشغل والصحة المجانية في حالة فوز قوائمه. ورغم أن الحامدي عرف بالدفاع عن نظام بن علي في العديد من الفترات إلا أنه راهن على عنصر الانتماء الجهوي ليظفر بـ5 مقاعد كاملة في مدينة سيدي بوزيد التي مثلت مهد الانتفاضة التونسية وأول مسرح للصراع الاجتماعي ضد الدكتاتورية منذ السابع عشر من ديسمبر الفارط، هذا بالإضافة إلى أن العديد من المتتبعين للشأن العام أكدوا أن العريضة الشعبية تمكنت من استقطاب قواعد التجمع الذين ساهموا بشكل كبير في توسيع حظوظها الانتخابية.
إن بروز بعض المفاجئات قابَلَه فشل ذريع للخيارات التي راهنت على المال السياسي الذي وجد معارضة كبيرة قبل الانتخابات، وقد جاء ردّ الجمهور الانتخابي مؤكدا للبعض أن الإشهار السياسي جواد خاسر ضَلّ الطريق إلى صناديق الاقتراع في الثالث والعشرين من أكتوبر، وهو ما كان سببا في خيبة الأحزاب التي دافعت بشراسة على خيار الإشهار السياسي وهي الحزب الديمقراطي التقدمي والاتحاد الوطني الحر وهو ما يمكن اعتباره مكسبا من المكاسب الإيجابية التي تحسب لأول انتخابات ديمقراطية في تونس رغم بعض التجاوزات الحاصلة.
ياسين النابلي