الصفحة الأساسية > كتب ومنشورات > بعد انتهاء إضراب 18 أكتوبر: كيف نحافظ على وحدة العمل من أجل الحريات ونطوّرها > كيف ننظر إلى المستقبل؟
بعد انتهاء إضراب 18 أكتوبر: كيف نحافظ على وحدة العمل من أجل الحريات ونطوّرها
كيف ننظر إلى المستقبل؟

ومن الضروري اليوم بعد أن حقق الإضراب الهدف المرسوم له، التفكير في المستقبل بكل جدية. وفي هذا الإطار نعتبر أن مسؤولية كل الفعاليات أو الأطراف التي ساهمت في إنجاح هذا الإضراب بدء بالمضربين عن الطعام أنفسهم ووصولا إلى الأحزاب والجمعيات والمنظمات والشخصيات وكافة المناضلات والمناضلين الذين ساندوهم وتبنوا مطالبهم، التي هي مطالب وطنية، وعملوا على تفعيلها ميدانيا وخلقوا كل تلك الحركة التي نشهدها اليوم، إن المسؤولية تقتضي منهم مواجهة مستقبل الحركة بنفس الروح وبنفس النظرة التي انطلقت على أساسها.

وما ينبغي اجتنابه هو النوازع الفئوية التي قد تطفو على السّطح مجددا وتسعى إلى ترك الحركة حبيسة الحسابات الضيقة لهذا الطرف أو ذاك وبالتالي إجهاضها وتخييب طموح كل الذين علقوا عليها آمالا عريضة على اختلاف نزعاتهم الفكرية والسياسية وميادين نشاطهم، وبالتالي فإن ما ينبغي أن يقود في التعاطي مع مرحلة ما بعد اّلإضراب هو التحلي بأكبر قدر من المسؤولية من أجل دفع الحركة التي نشأت حوله وتطويرها.

إن هذه الحركة التي بينا جوانبها الإيجابية لها حدودها التي من الضروري أن تُؤخذ بعين الاعتبار حتى نعرف كيف نتعاطى معها بصورة موضوعية ونمسك الحلقة التي من شأنها أن تمكننا من الارتقاء بها. وفي هذا الصّدد فإن ما نودّ تأكيده هو أن هذه الحركة لا تزال في بدايتها وأن عودها لا يزال طريّا، وقد جمعت في معمعان النشاط قوى متعددة ومتنوعة انخرطت فيه وهي تحمل معها خلافاتها وتحفظات بعضها عن بعض إن لم نقل شكوك بعضها ببعض، بل إنه لئن يوجد من شارك في هذه الحركة وهو يعي أبعادها فإنه يوجد أيضا من التحق بها التحاقا أو انجر وراءها انجرارا لأنها فرضت نفسها عليه أو شارك فيها دون اقتناع وهو ينتظر نهاية الإضراب ليلتف عليها وعلى ما حققته من مكاسب ويحاول العودة بالحركة السياسية إلى وضع ما قبل 18 أكتوبر.

بعبارة أخرى فإن ما حصل هو من قبيل "وحدة العمل" حول مطالب محددة، أملاها، إن شئنا، تقاطع مصالح ظرفي باعتبار مصلحة الجميع بقطع النظر عن الخلفيات الإيديولوجية والسياسية، في تحقيق تلك المطالب، وليس هو من قبيل التحالف أو الجبهة السياسية التي تتأسس، مضمونا وإطارا، عبر مسار من الحوار والصّراع وهذا معناه أن وحدة العمل هذه يمكن أن تنفصم وتتلاشى بسهولة إذا لم نعرف كيف نحافظ عليها ونطورها بروح مبدئية ولكن بمرونة كبيرة أيضا، ديدننا العمل على توفير كافة الشروط اللازمة لإضعاف الدكتاتورية والقضاء عليها.

ومن هذا المنطلق فإنه من واجب كل الفعاليات المعنية اجتناب السقوط في أحد انحرافين من شأنهما أن يعرّضا التجربة للانتكاس. وهذان الانحرافان هما: أولا: التعامل مع الإضراب كلحظة فاتت وانتهت أو كقوس فتح وأغلق وبالتالي التفريط في المكاسب التي حققها، وهي مكاسب تنضاف إلى ما سبقها من تراكمات نضالية تحققت خلال الـ15 سنة الأخيرة. ثانيا: القفز على كل الخلافات والتحفظات والمطالبة مباشرة ودون مقدمات بعقد "مؤتمر وطني" أو "ندوة وطنية" لـ"القوى الديمقراطية"ّ أو لـ"المعارضة الوطنية" بعنوان "تجميع كافة الفرقاء في جبهة واحدة ضدّ الاستبداد".

إن من شأن هذا التمشي أن يجهض الحركة و"يفرقعها" من الداخل ويعطي ذريعة لكل من شارك في الحركة دون اقتناع كي ينسحب ويتهم الأطراف الأخرى بالمغالطة ومحاولة جرّ الغير إلى تحالفات أو جبهات سياسية (خاصة مع "النهضويين" باعتبارهم مدار تحفظات أكثر من طرف) لا يقبلها أو هو غير مستعد لها قبل إجراء نقاش عميق وعلني حول القضايا الخلافية الأساسية التي تندرج ضمن ما يعتبر حدّا أدنى لأيّ تحالف أو جبهة سياسية.

فكيف يمكن اجتناب هذين الانحرافين للحفاظ على الحركة وتطويرها؟


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني